مذ برحنا الرحم، وبصرنا نور الحياة، ومكثنا في حضنها الدافئ ورضعنا البياض الذي يكسبنا المناعة والاستمرار لأجسادنا الغضة.
ومذ نطقنا الحرف الأول من اللغة وعشقنا غزل الأمهات وقصصهن وحكاياهن يسردنها على مسامع وآذان أبنائهن في ظلمة الليل وبصيرة النهار.. فهن لم يتعبن رغم الملل والكلل، لم يمرضن رغم الأنين والألم، لم يقنطن رغم الجراح المثخنة صباح مساء.
إنها الأم هذا الرمز الآدمي للوجود والحياة التي بقيت عصية على فك رموزها التي حباها الله عزوجل من طاقة وقدرة وقوة وجلال الأمومة.
فلولا هذا المخلوق لما هامت الروح في محيطنا ولا رفرف الأمان بجوانحنا، ولا أينع الأقحوان في ترابنا.
في هذا اليوم العظيم يبارك العالم بعضه بعضاً بما يسمى عيد الأم وفي بلادنا يتقدم مجتمعنا الشرقي برموز الكبرياء والعرفان بالجميل والتقدير لشرايين وصلت روابط العائلة وعقدت في خارطة عملها مساحات شعور دافئة ومداد محبة، سطورها الحرف والكلمة الطيبة ودونت في عقول الأجيال مفاتيح القيم والمعرفة التي تؤهل القاعدة منذ التنشئة الأولى للولوج نحو المستقبل المليء بالتحديات والصعوبات التي تواجهنا فكانت منها إيماءات الصمود تتصدر مقدمات العمل الفدائي والوطني والنضالي الشجاع دافعه تلك العقيدة التي تربى عليها الأبناء من آبائهم وأمهاتهم وتراث وطنهم،في هذا اليوم يوم الاعتدال الربيعي تتربع الأمهات على عرش قلوب الأبناء كما تحتضن الطبيعة ولادة ثوبها المزركش بكل ألوان العطر والطيب، نعم هي الأم ذاك العاشق الوحيد في هذا الكون الذي يقدم الحب دون أي مقابل أو ثمن ولا يجاريها أي مخلوق في هذا العطاء، فهي روح وتحتضن في داخلها روحاً ولغة لا تلبث أن تسمع.