شــــيــــطــــان الــــعــــصــــر
لقد أضطرم نار الحقد والحسد في قلوب أعداء الإنسانية ومحبي مغريات الجسد، تعجرفت الطينة لتنتهر المسكونة لجريمة نكراء ملعونة، تمخض عنها ضمير الشيطان وأفكاره الصماء، مستخدما ما توصل إليه مما اعتبره ذكاء، في استشارة من حوله ومن أعوانه، إذ مدّ ذراع الشر ليذبح الأطفال والشيوخ والنساء ويذبح الحمام عله يصل المرام، علّه يذبح السلام، ويجتثّ جذور الحب والوئام التي زرعت في مذود الأنعام بين الأنام فهكذا اعتقد.
لقد عبّر الشيطان في ذلك عن صرخة العنجهية، التي لا تريد أن تترك الظلم، ولا تريد خيرا أو مسرة لأحد، بل تريد قنوطا واستسلاما لقوى الشر في العالم، ولعقول منفذي الإجرام في العالم، وتناسى الشيطان أن إرادة اللـه أقوى وأعظم، وأنه كل ما يخطط له الإنسان بشر وعجرفة وامتهان، إنما هو أوهام.
واليوم تعاد الكرة بالتمام، فكرة الأرض كلها تغلي، أوجاعا وأحزانا وآلام، بسبب ما يتمخض عنه دهاء تجار الحروب وعابدي المال. من لا يعرفون رحمة ولا حقا ولا احترام في العالم الصاخب النمام، تنطلق أحقاد شيطان العصر مستخدمة تكنولوجيا الشر، وما توصلت إليه أفكار التسلّط والقهر. لتمتد أفعى وتنفذ أنيابها في أجساد الأبرياء، وهم أمنون نياما، تدك البيوت وتذبح الشيوخ وتمزق أجساد الأطفال ممن بلغ ومن لم يبلغ الفطام، ليعم الموت والغم، وتتساقط أجنحة اليمام، ولتبطل حناجر المرنمين مجدا ومسرة وسلاما.
راحيل تبكي على بنيها، راحيل كل أم اختطفت يد المنون رضيعا من بين أيديها. راحيل كل مؤمنة فقدت عزيزا أو حبيبا من بينها. لماذا؟؟؟ لماذا الدماء؟؟؟ وما هو ذنب الأبرياء؟؟؟ لماذا الحقد الدفين في القلوب؟؟؟ يا من تدّعون أنكم رحماء. أين السلام؟؟؟ أين المسرة التي تنشدها لنا السماء؟؟؟
ولكن!!! هذا ما يريده في العالم أعداء السلام، تاريخا مضرجا بالدم، ومطرزا بعبارات الاستنكار والذم، لكل فعلة مشينة، ولكل وقفة مهينة، لكل شيطان جعل نزواته دم، يهرق من أجساد الأبرياء، أبرياء في العالم قيام.
تذكّر يا شيطان أن الرب أقوى وعينه ساهرة لا تنام، وأنت يا شيطان تراب مهما لبست وأينما جلست وحيثما وصلت ومهما أصدرت من أوامر وأحكام، ستموت يوما، ستموت شر ميتة وتنتن، ويقال فيك ما يقال في الظلام، حيث ختمت جبينك كقايين بوصمة عار مدى الأيام.
ويبقى الحق منتصرا، وتبقى قوافل الشهداء ترنم حول عرش السماء، مع المعذبين على الأرض وكل الأبرياء.
وهنا أرفع دعائي إلى اللـه العلي القدير قائلا:-
ربنا انظر إلينا بعين العطف والرحمة والحنان وخصوصا عراقنا الجريح الذي ما زال ينزف، ليحل أمنك وسلامك في ربوعه وفي قلوب أبناءه. ربنا ابعد عن كل أبناءه كل الشر ليستعيد عافيته وليعم الخير والتآخي بين سكانه.
فالأمن والسلام لربوعنا والمحبة والوئام لكل إخوتنا.
بقلم الأب الياس صليبا عبدو