قامشلي ايام زمان .وذكريات عيد القيامة.بقلم .م.سمير شمعون

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

قامشلي ايام زمان .وذكريات عيد القيامة.بقلم .م.سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »



هذاالمقال مهدى لروح والدي الطاهرة الازخيني الشماس يعقوب شمعون لخدمته كنيسة السريان كاثوليك بالقامشلي من عام 1940 وحتى وفاته عام 1992م


جميلة هي تلك الذكريات ،التي عندما اعود اليها، اتمنى من كل قلبي ،ان يتوقف الزمن عندها ،
وعند الخروج من ذلك الزمن، تتفجر ينابيع الالم، في قلبي،و يسكن الحزن عيناي ،واصبح بقايا زورق حطمته الانواء.
،كنت واصدقاء طفولتي،نلهو على ضفاف الجقجق ،ونغفو بين الزروع ، نتسلق شجر التوت ،ونمرح على الاسطح ،
نجري بين الورود،نلعب... نختبئ ...نتحول لبلابل تغرد على اغصان الشجر،لحن الحياة، كلهم رحلوا ،وبقيت كنخلة وحيدة
،انثر االرياحين على دروب الذكريات
،علّ النسمات...تذكرهم ...تعيدهم ...ولو مرة...نلقاهم صدفة ...في شوارع القامشلي....التي عشقتها ...وهجروها
، في الليل كل شئ صامت مدينة نائمة حالمة ،وحيدا انا بغرفتي، كل شئ غريب...احلامي .... وسادتي ...حتى صورة امي
، المطر يهطل برتابة ، صوته يعيدني لذكرياتي ،لاصدقائي الذين هاجروا،اغمض عيناي ،امسك ورقة وقلم ،
اسطر وجعي ، اكتب وحدتي، بلا رفيق طفولة.
القامشلي،بيداء كانت ،زرعتها واصدقاء طفولتي بالورود، كي اجلس ذات صباح، بين الرياحين ،وتحت دالية العنب، ارتشف فنجان قهوة الصباح
،وانظر في عينيك ...البنيتين ...الوفيتين ...الصافيتن.
، ولكن ذات صباح ،وبعد رحيلك ،رايت الورود تحتضر ، فعلمت بان الزهور ، تستمد نور حياتها من نور عينيك ،تحطمت... تشظيت...تلاشيت ....
ما اصعب ان تزرع زهرة لتشمها ....وتستيقظ ذات يوم لتجد اخر قطفها
جميلة كانت الجزيرة التي حلمنا العيش بها معا وصنعت زورقي ووجهت اشرعتي لها ،وقلت لك انتظريني ،
وعندما عدت بعدردحا من الزمن، وجدت رجل اخر، يدك بين يديه، وجزيرة اخرى ، بلا نخيل... بلا موانئ...بلا حب
احزنتيني بصمت.... ابكيتيني بصخب ...ادميت قلبي بصمت...برحيلك
ما اصعب ان ينظر المرء ذات صباح في المرآة فيرى صورة محطمة ...ملامح غريبة...مجهولة...بلا حياة
يمكن ان اغرب مع الغروب .ويمكن ان يغيبني الزمن عن اصدقاء طفولتي،ولكن شغاف القلوب ،تملك وجوههم وذكرياتي الجميلة معهم ،
التي لا يمكن نسيانها .
في ستينيات القرن الماضي ،كان لعيد الفصح نكهة ملونة بالوان البيض ، لم يعرفوها اولادنا ، لم يحسوا بها،
ونحن في كنيسة السريان كاثوليك اول ما قامت مراسيم العيد الكبير او عيد الفصح المجيد كانت بتاريخ عام نهاية عام 1926م وبداية عام 1927م
حيث كانت الكنيسة مبنية من الحجر وسقفها مثل بقية بيوت القامشلي من خشب بالعرض وعادة يكون من جذوع الاشجار وخشب رقيق بالطول
وعليه الطين المجبول بالتبن تقاطع شارع الجزيرة (الوكالات )وشارع السيد الرئيس ولكن بعد فترة وجيزة وبتاريخ 1929 م نشب بها حريق
وتم نقل الكنيسة الى موقع المشروع الحالي مقابل الكنيسة حاليا(سابقا بيت ابونا بطرس ميرزا تماما)وكانت بنفس الوقت مدرسة
والقسم الامامي من طرف شارع الجزيرة ( شارع الوكالات )كان منزل للكهنة 0وكان احد تلاميذ المدرسة السيد يعقوب صليبا كورو
واخبرني بان من زملائه بالمدرسة ثلاثة ابناء واضع مخطط مدينة القامشلي المهندس الفرنسي جرلمبو (حرف الجيم بالمصرية)واسم احدهم جورج .
وظلت مدرسة وكنيسة حتى تقريبا عام 1938ميلادية حيث تم بناء الكنيسة الحالية ومدرسة جديدة خلف كازية حوشو مقابل البريد الحالي
وانتقل التلاميذ اليها ومن تلاميذ هذه المدرسة اخانا بالموقع حنا لبيب خوري المعلم جوزيف هندو وكل ابناء ذلك الجيل و المخترع ادوار شمعون
والسيد جاك قواق والممثل اديب حانا والسيد اديب حانا ,وبيوس شمعون وكانت اختي سميرة شمعون مدرسة وعمرها سبعة عشر عاما لذكائها
ولاحقا انا ايضا كنت طالباولي ذكرياتي بتلك المدرسة من عام 1966م.
فكان العيد يبدأ اول فصوله قبل خمسين يوما بالصوم .نحلم كل يوم بالعيد وثياب العيد وبيض العيد ونقود العيد وسينما العيد ،
ونصل الى اخر اسبوع من العيد ، وهو اجمل فصول العيد ،
غدا احد الشعنينة ،في وقتنا كان والدي يجهز الشموع في الكنيسة ،زمن الكاهنين الاب ميشيل هندو والاب بطرس ميرزا( رحمهم الله )
،وكان يذوب بقاياالشموع التي يبقى جزءمنها اثناء خدمة القداس خلال السنة ويمرر بها حبل سميك ابيض عدة مرات حتى ياخذ شكل الشمعة
وكنت اساعده في هذا الموضوع .
وكنا نخدم قداس الشعانين انا واصدقائي واذكر منهم ميشيل عازار ابراهيم مطلوب (السويد )والدكتور جان قواص (السويد)المهندس عصام استانبولي
المهندس غسان عمسووالمهندس انطوان هندو والمهندس لويس هندو
وكان الاب ميشيل هندو ( اجمل من رتل ترتيلة يا أم الله يا حنونة بشهر مريم على الاطلاق )
يصلي على اغصان الزيتون ويباركها ويوزعها على المصلين بالكنيسة ونسمع الترتيلة الخاصة بالشعنينة من جوقة الكنيسة وبقيادة عازف البيانو
حنا لبيب خوري(البيانو كان بالكنيسة منذ عام 1927ويعتمد على النفخ عن طريق الارجل)
وتقول الترتيلة : اوشاعنو برومو اوشاعنو لبري داويد
والكل حامل شمعة بيده ونعود للمنزل بعد نهاية القداس وعصرا من يوم الاحد كانت الناهيري وهي رمز للعذراوات الحكيمات والعذراوات الجاهلات
حيث كنا نلبس لباس الخدمة نفس المجموعة وعند الوصول لوقت الدورة كانوا يعطوننا الشموع و كانت تحدث معنا بعض المواقف المضحكة
التي لازلت اذكرها حيث كنا نحرق شعر زميلنا عصام استانبولي وكانت الترتيلة التى يرددها الكورس تقول :
ترعخموران نوقشنو من بيث كازونيهوي صبيونو
وعندما كانت الدورة تصل عند الباب الرئيسي للكنيسة كان الاب ميشيل هندو يطرق على الباب ثلاثة طرقات ويقول فتحلو ترعو
وكان المفروض ان يفتح الباب اديب حانا ولكنه لم يفتحهة وصاح به الاب ميشيل :(اديب منعول فتح الباب بقى )وهذه كانت من
المواقف المضحكة التي بقيت بالذاكرة .
و بعدها يأتي خميس غسيل الارجل وقد عملت غسيل الارجل عام 1966م والكاهن بطرس ميرزا هو من قام بالقداس الاحتفالي
ومن المواقف التي بقيت بالذاكرة الجميلة عندما كان يأتي توزيع الادوارحيث يكون عدد التلاميذ الذين سيتم غسل ارجلهم بعدد
تلاميذ السيد المسيح الكل كان يتهرب من اخذ دور يهوذا الاسخريوطي .
وتأتي الجمعة العظيمة وجرت العادة ان يأتي مطر يوم الجمعة العظيمة وعند الدورة كان يمثل دور السيد المسيح صبري سليمان ملكى
وكان يحمل الصليب اثنا عشر مرحلة وكان اديب حانا يستغل ذلك ويضرب صبري بالسوط بشكل جدي وكان صبري يقول له
( لما نخلص الدورة اذا مسكتوك بدي ادقك قتلة)وكانوا يرتلون التراتيل الخاصة بالجمعة العظيمة :
(عامانوييل الوهو على قيسو ايتلي وبرايشاداي كابورو ) وترتيلة (كينين عبدي )
وكانوا يرفعون النعش ونمر من تحته وكنا نزور كافة الكنائس ويكون سكان القامشلي في هذه الساعة في حي الوسطى كون الكنائس متواجدة فيه
وفي يوم السبت تشغل والدتي ببور الكاز وتضع عليه طنجرة الصفر (اي النحاس لازالت عندي احتفظ بها )مملؤة بالبيض وقشر البصل
وتبدأبسلق البيض قرابة الساعة وعندما تطفئ الببور يكون البيض قد تلون بلون البصل .
وعندما يحين منتصف الليل كنا نذهب لخدمة قداس القيامة ويكون عادة في منتصف الليل وقبل القداس يكون الشمامسة موجودون على
الهيكل منقسمين لقسمين واذكر منهم ملكون هندو عبى شمعون يعقوب شمعون وموسى هندو وحنا هندو وابلحد مرقة ومنير قواص
كبرييل شكري وحنا لبيب خوري وجوزيف هندو ( وهو بصوته الرخيم اجمل من رتل السيهرانى )وحاليا كلما اسمعها منه
يعيدني للزمن الجميل زمن الطفولة الزمن الذي يستحيل نسيانه
وكنا نخدم القداس نفس المجموعة قد تزيد او تنقص وكنا ننعس اثنا ء الخدمة وعند منتصف القداس يتم ترتيل الترتيلة الخاصة بالقيامة
(قوم الوهو من قبرو بحيلو رابو ) وبعد ذلك تتم جوقة التراتيل برااسة زميلنا حنا لبيب خوري الترتيلة التي لطالما احببتها
كلحن كوني اعزف على العود والترتيلة هي ( قام حقا قام رب المعجزات -بيمين شاهدته المريمات -هللويا هللويا قام قام )
وينتهي القداس بالمباركة من قبل الاب ميشيل هندو وعند الخروج تكون الجوقة تودعنا بترتيلة ( قام حقا قام رب المعجزات )
بطريقة السوبرانو .0
وفي صباح اول يو م عيد كنا نستيقظ باكرا وبعد تقبيل ايادي امي وابي كنت البس بنطلون جينز قصير (كوبوى )وكنزة وكلاش واكون قد انتقيت بيضة ملونة قوية
لنتكاسر مع اولاد الحارة ومن يكسر بيضة الاخر يربحها منه وكنت دوما اعرف كيف انتقي البيضة القوية وكانت متعة العيد كله مركزة
بهذه اللعبة وكنا نتكاسر ويتكدس البيض عندي مع اولاد الحارة فارس حوراني عبود بارومي هنري حسنو كورو جان قواص مروان شمعون
وكان بعد ذلك يأتي دور المعايدة وكان لهذا العيد نكهة خاصة لاننا كنا نعايد امرأة ازخينية كانت تدعى ددا دلو حيث كانت وحيدة والمميز
بمعايدتها انه كان عندها دجاج يبيض بيضة كبيرة بمحاحتين وكانت في تلك الايام هذه البيضة نادرة جدا وكان هناك شهادات من جيرانها
بأنها في ليلة رأس السنة كان هناك نور يشع من منزلها وتراتيل حتى الصباح علما بأنها لم تمتلك ابدا كهرباء ولا ساعة ماء حتى توفيت
سبعينيات القرن الماضي .وطبعا كنا نعايد اعمامي ونحصل على المعايدات وينتهي الامر بالسينما كل يوم فلمين وصحن فول عند ابو خالد
وصاندويشة زوز وتحيلات من عند والد طونى عيساكي محلهم مقابل سينما دمشق (كربيس سابقا)وسبانيا وكاتو وشعيبيات .
وهكذا ينتهي العيد وكانت تقول امي مثل :خلص العيد وقلقو وكل من لبس خلقو (اي لباس العمل )وكانت اجمل الاعياد بالنسبة لي
عندما كان اخي بيوس يعّيد بيننا كونه كان دائما مرتحل .

لدي الكثير من ذكريات العيد ،و ذكريات الذين رحلو ا، وليل بلا نجوم ولا قمر ،وقلب موجوع ،وشوق فائض
للقاء من رحلت ،رغم الاستحالة ، الحب يعتصر الفؤاد ،و بلابل الحنين تأخذ ني الى عينيك ،وعيوني ترنو لعودة الزمن
ولقياك ، بعدما زرعت اجمل زهرة حب،فاجئتيني بالرحيل ،وتركت لي قلبا عليل ،كل شئ حتى الاغصان بدأت تميل
ولكن احب ان اخبرك، بأن نسيان ذكراك ،هو المستحيل ...يا...أ....
اشكر كل من ساعد بأعطائي المعلومات واخص السادة :يعقوب صليبا كورو- الاستاذ جوزيف هندو -والشماس كرم منير قواص -والاب بولس دلال
هذه الصور هي لبناء ما كان يدعى سابقا بمدرسة السريان كاثوليك الخاصة في القامشلي

منقول من سما القامشلي بقلم :م. سمير شمعون
صورة
]

صورة

صورة
صورة
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
صورة العضو الرمزية
المهندس سمير شمعون
عضو مشارك
عضو مشارك
مشاركات: 70
اشترك في: الخميس أغسطس 19, 2010 5:36 am

Re: قامشلي ايام زمان .وذكريات عيد القيامة.بقلم .م.سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة المهندس سمير شمعون »

الاخ ابو سمرة السكرة
اشكر اهتمامك بمقالاتي
ودوما تكون مداخلاتك رائعة
وتكون اضافة ادبية للموضوع المطروح
تحياتى لك
صورة


المشرف المهندس سمير شمعون
مختار القامشلي
صورة العضو الرمزية
miryam
مشرف
مشرف
مشاركات: 382
اشترك في: الأربعاء نوفمبر 04, 2009 4:43 pm

Re: قامشلي ايام زمان .وذكريات عيد القيامة.بقلم .م.سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة miryam »

شكرا اخي ابن السريان لنقلك هذا الموضوع الرائع
كل الشكر لك اخ سمير شمعون والرحمة لروح والدك الطاهرة
لقد نقلت لنا ذكريات رائعة
عيد الفصح له نكهة خاصة وخاصة في القامشلي الحبيبة
ننتظر المزيد من ذكرياتك فالقلب دائما عطشان لسماع ذكريات واخبار
زالين القاملشي
دمت بخير
Miryam ros4:
  • علمتني الورود
    أن أكون ناعمة مثل أوراقها
    صلبة كجذورها
    خشنة كساقها
    وطيبة كعطرها
صورة
صورة العضو الرمزية
المهندس سمير شمعون
عضو مشارك
عضو مشارك
مشاركات: 70
اشترك في: الخميس أغسطس 19, 2010 5:36 am

Re: قامشلي ايام زمان .وذكريات عيد القيامة.بقلم .م.سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة المهندس سمير شمعون »

الاخت ميريام المحترمة
اشكر مرورك
وتشجيعك

تحياتى
صورة


المشرف المهندس سمير شمعون
مختار القامشلي
أضف رد جديد

العودة إلى ”قامشلي أيام زمان“