بحر وجدول

حنا
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 509
اشترك في: الاثنين مايو 04, 2009 4:41 pm
مكان: Syria
اتصال:

بحر وجدول

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا »



لم تكن كلماتنا سوى
وصف لميلاد المطر
قلنا إن نجوم وأقمار
تضيء وجه الليل
كل مساء
أن التاج والصولجان
لا يدومان
هما كالحظ
كل يوم يبتسم لإنسان
غضب السلطان حينها
والسلطان موجود في كل الصور
موجود على ظهر بطاقات البريد
وعلى جبهة كل خائن عميل
رحلونا بعدها من بيوتنا
في ليلة سوداء داكنة
أخمدوا نجومها وحبسوا
ضوء قمرها
وبين مد وجزر تشكلت جداول وأنهار
كانت نفوسنا المعذبة
تتخبط في الظلمة القاتمة
عند الصباح
استيقظ جسدي على أرض اللجوء
مدهوش من كثرة الوجوه الغريبة
في تلك الأرض مقهى للغرباء
وعشرات بل مئات
من أبناء شعبي لاجئين في أرض اللجوء
كنت أجلس كغيري في المقهى
عندما مرت علينا جنازة طفل في المساء
مات كغيره من أبناء قومي
جوعاً.......وعطشاً........وانتماء
قالوا لأهله :ادفنوه بعيداً في مقبرة اللجوء
هل ثمت مقبرة بهذا الاسم؟
وهل في تراب الأرض
مقبرة أغنياء ومقبرة فقراء؟
بحثنا عن أرض لا تعرف انتماء
حتى حل بنا المساء
كانت كل أرض تدفعنا كموج البحر
لأرض أخرى
وتقذفنا بقسوة في ليل المنفى والأمطار
بل كان يشار إلينا بأننا غرباء
حين دنونا إلى مقبرة ليس من مالكين لها
صاح بنا حرس الخليفة
قالوا لنا مبلغ يحسم القضية
اجتمع الفقراء حينها للسداد فالمال كالمارد
يصنع المعجزات
هنا دفن الطفل في أخر المطاف
وهكذا كانت جنازته......جنازة بلا وطن
راودني سؤالها حينها
هل نزل الطفل في قبره لاجئ بين الأموات؟
وكأن اللجوء قدر له ومصير
يا أرض أرمينيا استرجعيه
خذيه إليك واحضنيه
اقتلعيه من تربة هذا البلد الغريب
خذيه كجدول يسقي البيوت والبساتين
لا تتركيه في هذي الغربة حزين
ينام في حفر الليل مفتحة عيناه
وفي انتظار يوم أخر حزين
يرتدي صباحنا ملابس الحداد حافياً
مهيأ نفسه لجنازة ووداع جداول
غادرت بحرها المحتل مجبرة
هاربة من خطر الطوفان
أيها الوطن المتكرر اسمه
في
الأغاني والمذابح والأشعار
دلني على قارب أحمله
ويحملني إليك
دلني على اسم أستعيره
لأتسلل إليك
لم يبقى في تاريخ البشرية
اسم أتخفى وراءه
إذا لتقبل اسمي السري الذي
أطلقته علي نوائب الدهر
لاجئ شرده شجع السلطان
جدول سلخته العواصف
عن بحره
أما اسمي الإنساني
فقد انتزعته عن لحمي سياط السلاطين
لكنك تجدني بقوة
في أدمع الثلوج حين تبكي
على سفوح جبال آرارات
في تنفس مراعي غارني
في ضحكة بحيرة سيفان
في عطاء ربيع يريفان
حين يزهر
في غناء كل عندليب
أنا جدول منك يا بحر
بي أصداف ورمل وأسماك
وهدير بحرك
في دمائي في شراييني
و نسيم بحرك يا بلادي كالآهات
تأتيني كل ليلة فتبكيني
بما نفثته أمي فيه من وجد وأشواق
إني أتأهب للعودة
لا بد للجداول
أن تصب في بحرها وتحيا
أنا قادم لأبعث الحياة في البحر
لأن نهايتي كجدول
هو حلمي والانتصار

منقول: موقع أذاد هاي
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الارمني“