القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمعون

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »



القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمعون
كانت ليلة خريفية من عام 1939هدوء مطبق ،مدينة صامتة ،عتمة الليل تلف القامشلى ,الاشجار تلقي بظلالهاوكأنها وحوش ، فجأة عصف الهواء سيمفونية القيامة ،احسست بالخوف من صوت اغصان شجرة التوتى ،
فالتجأ ت الى حضن امى انشد الامان ،وامي كانت وقتها ذات الاربع عشر ربيعا،هجرت طفولتها باكرا،فهى لم تعرف ما معنى تسريح شعر الدمية، ولم تمتلك دمية ،بل امتلكت طفلا وهى في الخمسة عشر ربيعا ، فقا لت لى وهى ا لصغيرة، لاتخف يا صغيرى من الرياح ،فالبكجي فى الخارج معه بارودة بدو يقوص الرياح المرعبة .
سكتت كل الاصوات، الا صوت المطر، فهو يدق الارض بعنف،واسمع صوته على سطح بيتى برتابة ، واحيانا اسمع صوت المزراب المسدود الذى لم يعد يمرر الماء نتيجة تكاثر التراب و البوش المختلط مع حبات المطر ،وفي تلك الايام الباردة الجليدية، كانت تضع والدتى الخشب فى المنقل وتشعله وبعد ان يتحول الى جمركانت تضع داخله بعض حبات الكستناء والبطاطة ،وتضع البطانية فوق المنقل ، ونتغطي تحت البطانية ، والغرفة تنيرها فقط الكازوكي ( القنديل وعاء صغير يوضع فيه الزيت او الكاز وقطعة خشب اوقماش او قطن وتشعل ) وتبدأ بحكايةقصةمن وحى الفرمان.
سمعت صوت اقدام تدك الارض بثقة، .تكسر الصمت ،.تبعث الطمأنينة في النفس ،تدفئ تلك الليالى الباردة ،تجعلك تنام بهدوء وراحة بال ،فسألت والدى الذى يغفو ويصحى ،ماهذا الصوت ،فأجاب انها اقدام البكجي يا بنى نحن ننام وهو صاحي حتى الصباح ،أنه يعشق القامشلى وناسها حتى الثمالة، يحمينا من عصابات اللصوص ،التي كانت منتشرة فى تلك الايام.حيث كانت تأتى من اتجاه الاراضى المزروعة ،نتيجة لانتعاش اهل القامشلى ماليا فالارض البكر التي فلحوها بعرق جبينهم اصبحت تعطي الغلال الوفيرة منذ عام 1930م، قالت لى امى فى احدى الايام :كانوا يسرقون اللحف من علينا ، كناية عن بانهم يسرقون كل شئ ، والان البكجي يردعهم .ويحمينا من غدر الليالى .
كان البكجي يعين من قبل القائمقام ،وكانت القائمقامية سابقا ،نفس موقع شعبة المدينةحاليا ، وكان راتب البكجى خمسة عشرة ليرة .
ويبدأدوام البكجى عند المغيب،حيث يجتمعون فى القائمقامية ، فى غرفة بالطابق الارضى ،وكانت بها الاسلحة ،حيث كان يستلم العريف بارودة فرنسية ثلاث طلقات ،والرقيب وكان يدعى الجاويش يستلم مسدس فى فترة الحراسة وكان يتم اعادتهم الى المركز فى الصباح، عند انتهاء وردية الحراسة.
وكان كل بكجي يحرس منطقة معينة ويكون مسؤلا عن سلا متها ،و نهاية منطقته كانت بداية منطقة حراسة لبكجى اخر
وكان لكل بكجي غرفة من الخشب مساحتها مربعة طول ضلعها متر ونصف وبها شباكين صغيرين وكانت هناك تنكة (وعاء ) لحرق الاخشاب للتدفئة،وكان لون الغرفة ( الكولبة) ازرق ،وكانت وسيلة التخاطب والتواصل بين بكجي واخر هي الصفارة ،حيث شكلت الصفارة لغة حية يفهمها البكجي ويتفاهم بها مع البكجي فى المناطق الاخرى،فكان التصفير في اوقات معينة ،وعندما يبدأالتصفير ،تجد القامشلى ترن كلها ،تنبعث الطمأنينة ،والعتمة رفيقة النوم ،الكل يحلم ويحلم ويحلم بالمستقبل، والكل يحقق حلمه ،كانت احلام بسيطة،ناس بسطاء، يعشقون الحياة والعمل ،يرتشفون فنجان قهوة، ويزرعون القمح، وينظروا للسماء.
وكان لباسهم لونه خاكي بدريسة وبنطلون يدعى كولف ،من الخصر والفخذ يكون وسيع ،لكى يعطى اريحية بالعمل ،وعند الساق يصبح ضيق على قد الساق ،ويأتى الحذاء ومعه كيتر(الكاف تلفظ مثل حرف الجيم بالمصري) من الجلدبارتفاع اربعين سنتمتر يلف على السا ق ،ويعطي الحذاء مع الكيتر،شكل بوط على طول الساق،ويأ تى الطربوش على الرأس لونه اسود، وفوق الطربوش اشارة ،وكان يصنع الطربوش نجيب الحلاق (ابو ادور )وكان محله داخل مقهى ،حاليا يدعى مقهى الامراء ،
واول تعيين للبكجى كان عام 1934م وانتهى التعيين عام 1962،وعذرا اذا كان هناك اسماء لم احصل على اسم الكنية او التوقيت :
1- كورو صليبا :كان رئيس البكجية ود خل هذ ا السلك عام 1938وتقاعد عام 1950وكان من مواليد 1894وتوفى عام 1946
2- يوسف عبدو من عام 1953-1960
3- يوحنا خوشابا :تعين عام 1945 واستقال عام 1953وكان يحرس من مدينة الشباب ولغاية معمل البوزوهو ملك بيت لولى
4- حنا بنيامين :كان حارس شارع شكري القوتلى اى من سبع بحرات حتى بيت هداية تعين عام 1960 -1971
5- بيدروس مانوك :كان يحرس من بيت هداية حتى كازية كبرو المعلم تعين 1960-1971
6- اوصمان شيخو :كان يحرس من مقبرة السريان كاثوليك باتجاه شارع الكورنيش حتى بستان يعقوب شلمي حيث لم يكن هناك سوى منازل متفرقة بعدد اقل من اصابع اليد الواحدة
7- بهنان قسطو :تم تعيينه بكجى عام 1953 – 1955وكان يحرس عند بيت اصفر ونجار والبريد القديم وحتى بيت الدكتور انتيبا
8- جرجس ابو سمير :وهو مقيم حاليا بالسويد وكان بكجي حتى عام 1971
9- سليم بيكندى
10- يوسف رشوحيث بقى بكجى حتى عام 1971
11- سركيس :كان يعمل بكجى حتى عام 1971
12- نورى
13- كبرو
14- حنا ابن نوياوالده يان يعمل بالمشفى
15- زيا الاشورى وكان مكان حراسته على شارع الوحدة عند مكتبة قنشرين حاليا
16- رمضان :كان يحرس سوق المزاد
17- نايف:شارع الوحدة عند الدكتور البلغارى ولمسافة عدة شوارع
18- يوسف حنا مرابي:1953-1973 وكان حارس ا لسوق القديم السوق الذى يباع به مامونية وقشطة جاموس وزيتون وقيصرية الجمارك
19- صاروخان سليمان :كان يحرس من دوار الجسر الكبير وحتى المسلخ القديم شرقى مبنى المياه وتعين 1960-1975
20- درويش عثمان :كان حارس كراج مرشو مدخل طريق مقبرةا لسريان الار ثوذوكس من شارع الجسر الكبير
21- عبدو على بوطى:كان يحرس من الجمارك حتى المحمقية وكان عدد البيوت لا يتجاوز اصابع اليد الواحدةوتم تعيينه 1960-1971
22- محمد على ابو يوسف:كان يحرس من الكازخانا(حاليا مؤسسة المياه)وحتى الجمارك تعين عام 1960-1971
23- حنا لحدينو:كان يحرس منزل نظام الدين الكرسى قبل كرسي مكتبة دار اللواء لصاحبها الاستاذ انيس مديواية
وشمالا حتى القشلة تعين عام 1960-1975
24-مانوك بيدروس :كان يحرس خط من كنيسة مار يعقوب حتى دار الضيافة (منزل مدير المنطقة )
وقد قص على السيد جاك جورج صاحب فرن جا ك بحى الوسطى قرب كنيسة العذراءللارثوذوكس
بانه فى ستينيات القرن الماضى عندما كنت فى فرن اخى فارطا ن بحى الوسطى قرب مدرسة القادسية( الراهبات سابقا )
عندما كان ياتى الشتاء والزمهرير كان ياتى عندى البكجى كون الفرن دافئ وكل فترة يخرج ويعمل جولة على خط حراسته ويصفر فيرد عليه البكجى الاخر ويعود مرة اخرى الى الفرن وكانوا يتسلون عندى .
واستيقظت من حلمى على صوت المطر ، وعدت من عام1939،واستيقظت بداخلى طيور الحنين لوالدى ، الذى كان مثل البكجى يحرسنى ليلا فكان ياتى وينظر ، ويتمعن ،فى تقاسيم وجهى، عدة مرات، فى الليلة الواحدة ، فاحس بحرارة النظر، وكان يدمدم كلمات، ويذهب للنوم، معتقدا باننى نائم ،
كم اتمنى ان اعرف تلك الدمدمات، نار ابدية مستعرة بداخلى تمزقنى تأكلني تشتتني، لمعرفة معانى تلك الهمسات،تلك الكلمات ،
انه حبك الصا مت لي يا ابي .
لقد احببتنى ثلاثة وثلاثين سنة بصمت، ورحلت بصمت. وما اصعب الحزن بصمت ،فهو يهد الجبال بصمت ،
ولكن قبل الرحيل ماذا كنت تريد ان تقول لى ،او لامى او لمدللك بيوس الذى عشقته اكثر من الستة ،
بماذا فكرت لحظتها ؟
،لطالما كنت معى، تمسح دموعي، تزرع ا لورود فى ربيع عمرى ،تمتص احزاني ، ترش العطر في دربى .
وعند الرحيل ،
كانت تفصلنا المسافات ،فلم استطيع مسح دموعك ، ولم تعد معى لتمسح دموعي على رحيلك ،تركتني وحيدا
ولم يؤبنك المدلل ، ولم اكن لحظتها معك، امتص الامك ،ولكننى رشيت العطر على جثمانك،
اريد ان اخبرك يا ابى، بان الورود التى زرعتها فى ربيع عمرى قد اينعت ،
وكم تمنيت ان نراها معا ،ونشم عبيرها معا ،ونسقيها عند مغيب الشمس معا،
هل تعلم كم اتمنى ان يعود الزمن ولو لدقائق لنستلقى مثلما كنا نفعل على تختك (سريرك) فوق سطح بيتنا العتيق وتمسك حصوة صغيرة وتضعها بيدك بطريقة تقذف بها الخفاش ،
ولكن للقدر دوما ،حكاية ثانية، ونهاية ثانية، ومهزلة ثانية.
وبعد سبعة عشر عاما على رحيلك ،دعنى يا ابى اقول لك كلمة،لطالما تمنيت قولها ،وعّز عليّا قولها ،ونحن فى عز قولها ،
انها يا شجرة الزيتون ، وغصنها الحنون ،احبك يا ابى..احبك احبك..احبك بصمت وجنون
القامشلى الساعة الثانية ليلا 24-25-1-2010
المهندس: سمير شمعون من موقع سما القامشلي
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
صورة العضو الرمزية
miryam
مشرف
مشرف
مشاركات: 382
اشترك في: الأربعاء نوفمبر 04, 2009 4:43 pm

Re: القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة miryam »

ما اجمل شعور الشوق والحنين إلى حنان الأب وحضن الأم وإلى ايام كانت الحياة فيها حلوة ببساطتها
مشكور اخ سمير
  • علمتني الورود
    أن أكون ناعمة مثل أوراقها
    صلبة كجذورها
    خشنة كساقها
    وطيبة كعطرها
صورة
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

شكراً لك ولمرورك الكريم
بركة الرب معك
أخوك: أبن السريان
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

Re: القامشلى ايام زمان .وذكريات البكجى.بقلم المهندس سمير شمع

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

ذكريات رائعة مع بكجية القامشلي أنني أتذكر تلك الصناديق الخشبية المسماة /الكولبة / جيداً والتي كانت
منتشرة في أحياء المدينة ومنها حينا / البشيرية /. وكم كان منظر البكجي رائعاً عندما يوقد الخشب في التنكة ليدفىء نفسه شتاءً ويضع أبريق الشاي
عليها . ويسلم عليه أهل الحارة عند رجوعهم لبيوتهم منهكين من التعب / كانت أيام زمان تعتم بكير وخاصة في الشتاء والناس يعودون مسرعين للبيت
ليتعشوا ويسهروا ويناموا بكير . لا في تلفزيون ولا شيء يسليهم سوى لعب الورق وسماع الراديو / مطمنين على أنفسهم بوجود البكجي الذي يحرس الحارة.
شكراً لك أخي سمير وأتمنى لك الصحة والعافية والمزيد من الذكريات الممتعة .
ابو كابي
ابوكابي م
أضف رد جديد

العودة إلى ”قامشلي أيام زمان“