لما المخير يدغ دغ

المشرفون: حنا لبيب خوري،مشرف

حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

لما المخير يدغ دغ

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

لمّـــــــــا المخير يدغ دغ
كانت أيام ديريك في الخمسينات من القرن الماضي ، صافية ؛ نقية ؛ جميلة ، تزخر بالمحبة والألفة بين جميع سكانها . كانت الكروم تلاصق البيوت من ناحية طريق القامشلي فكنّا عندما نخرج من دارة خالتي التي كنت أقضي عندها أيام عطلتي الصيفية معظم السنين ؛ نعم عندما كنا نخرج من البيت نتجه مباشرةً إلى الكروم في طريق مار يعقوب،
كان هناك وادي صغير جداً تتكسّر عليه كروم العنب فتحسب نفسك في جنة خلاّبة لروعة ذلك المنظر ؛ نعم كان هناك كرم العم صومي ؛ كنا عندما نسير بجانبه في الطريق الضيق الذي يفصل بين الكروم يميناً ويساراً نقطع أنفاسنا ونكتم أصواتنا من خوفنا من عمو صومي الذي لا مزاح معه البتّة والذي لا يتساهل مع صغيرٍ أو كبير .
كان الكل يساعد الكل كعائلة واحدة في الكرووم ؛ وخصوصاً الشباب لم يكن وقتها لا سينما ولا تلفزيون فكانوا يتعاونون ويقضوا ساعات يومهم بمساعدة هذا أو ذاك في كرمه ؛ من فلاحة وقلب تربة ، ومكافحة فأر الحقل الذي كان يوزّعه مكتب الزراعة في البلدة ، فكان كل صاحب كرم يحصل على ما يلزمه من مادّة السم ويخبر الشباب فيسرعون الى القيام بالمهمة وهم في غاية الفرح والسرور.
جاء دور كرم العم قريو وتواعد الشباب في الصباح الباكر قبل بزوغ الفجر واجتمعوا في الكرم وبداؤا بعملية المكافحة، حتّى أشرقت الشمس جيّداً ؛ فتوقفوا عن العمل متّفقين على العودة غداً لإستكمال ما تبقّ من الكرم . وأسرع أحد هم المدعو كبرو وهو إبن العم قريو ولفّ الباقي من تلك المادة بورقة ثم بقطعةٍ من قماش ووضعها في زاوية في الإستراحة التي تُبنى في كل كرم وغادروا الموقع.
بعد مغادرتهم أقبل العم قريو حاملاً سلّته بيده وبدأ جولته اليومية التفقديّة في الكرم كالمعتاد وبعد أن جمع المنتقى من أنواع العنب اللذيذ إتّجه إلى الإستراحة ليأخذ قسطاً من الراحة .
جلس عمُنا قريو وإتكأَ وبعد أن جال نظره في كافة أرجاء كرمه تحسّسَ علبته البرنيط لأنّه من مستنشقي مادة البرنيط وهو من مشتقات التبغ والمدمن عليه كالمدمن للتدخين .تحسّس علبته ولما لم يجد ها بدأ يلعن ويشتم ام كبرو زوجته على هذه الهفوة والخطيئة الكبرى وبدأ يجول بنظره يفتش على الحل ؛ عندها لمحت عيناه تلك الصرّة الصغيرة ؛ مدّ يده وتناولها وتجسّسها ، وحمَد الله وأرسل شكراً لأولاده ولكل من يفكّر به على هذه الهديّة وقال في نفسه ...أعرف .أولادي مينسوني من هييك كو شالولي شويّة برنييط أوووخ والله كماهن ماكوو....
وجعل يغمّس أصابعه في الصرّة دون أن ينظر إليها و يملأ أنفَه ويستنشق بشوق وحنين إستنشاقة المدمن عندما يحصل على ما يريد ، حتّى أتى على مجمل ما في الصرّة ..نفض أنفه وقام غسل وجهه وتناول سلّته وعاد إلى البيت....وكان يمشي مترنحاً من كثرة ما إستنشق من تلك المادّة ....
وكالمُتّفق عليه أسرع ألشباب مع أولاده إلى الكرم ؛ليكملوا ما بدأووه البارحة .....وبعد أن قطعوا أملهم بالحصول على تلك الصرّة ، عادواأدراجهم قانطين ميؤوسين ،بينما كانوا ضمناً يرغبون في إنهاء كرم عمنا قريو.
في مساء اليوم التالي ، كانت عائلة العم قريو جالسة للعشاء مجتمعةً ؛ تجرأ أحد الأولاد وسأل أباه قائلاً ؟..ببّا ..سع مبيرحا.. عينك ما ..ندقّت ..لبقجة زغيرة فلكرم ..فل ..كولّكى ؟؟؟
وهنا فرك العم قريو مخيرَه وردّ على سؤال إبنه .....شيش كوو ..تسأل ؟؟
أجابه ولده ...كن ..بقا..شوية ..سم..فار كا ..تنخلّص الكرم...
ردّ عمنا بعقل المفكّر والمحلّل والمنتهي الى نتيجة مقنعة ......
قي هاك الشي ....سم فار كان ؟؟
ــ بلي يا بو .
ــــ من امبيرحه كقوول قي ...مخييري كي ..دغ دغ .

وهكذا بعد أن إستنشق العم قريو قرابة ربع الكيلو من سم الفار كل ما تأثّر به .........أن مخييره دغدغ فقط لا غير .........
يــــا لهــــا مـــــن دغــــــدغــــــة
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: لما المخير يدغ دغ

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

سلام الرب معك
أخي الحبيب حنا لبيب
شكراً على هذه القصة من واقع أهلنا في ديريك الحبيبة
أجل ما تأير السم في جسم تغذى على كل ماهو مفيد وطبيعي
كانت بنيتهم قوية فقط دغدغ أنفه من السم
آه لو ترجع أيام زمان بكل ما فيها
أتحفنا بالمزيد من هذه الذكريات الرائعة التي تسعد روحنا المتجمدة
دمتم بألف خير
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الازخيني“