قامشلى ايام زمان.ورغيف التنور.بقلم المهندس سمير شمعون

صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

قامشلى ايام زمان.ورغيف التنور.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »



التاريخ هو7-11-1966-صباحا الساعة السادسة والنصف ( أحب وقت على هو الساعة السادسة والنصف) مثل هذا اليوم بفارق ثلاثة واربعين عاما. عندما كنت استفيق من نومى صباحا على صوت الاخبار المنبعثة من راديو الفيليبس وبجانبى اخوتى واخواتى كاملين منقوص منهم اخى ادوار الذى لم اعرفه بسبب تواجده بدمشق وبشكل دائم فلا اعده .انظر اليهم واعدهم فاجدهم كاملين فارتاح انهم اربعة .
وعادة كنت انام جانب اخى بيوس لانه لم يكن يتواجد كثيرا بالقامشلى , وكان صوت البرق والرعد والمطر المدرار احد الاصوات التى تصحينى من نومى, فاذهب الى الاوضا ( كانت قديما غرفة الاستقبال ونحن كنا ننام فى غرفة البخيري هكذا كانت تدعى وهى بجانب الاوضا ) لااستلقى بين امى وابى لاخذ الدفئ من ابى والحنان من حضن امى انه شعور لا يضاهيه شعور وادفع عمري كله من اجل عودته ذات صباح مع ثلج الصباح وعصفور الصباح . ويذهب ابى لكى يجهز قهوة الصباح سكر زيادة كنت اقول فى داخلى يارب توقف المطر بشان ينشفو سطوحاتنا لانه بذاك الزمن المطر كان يهطل خمسة عشر يوما دون توقف وكنت اخاف ان تنهدم بيوتنا . وتاتى القهوة وكا ن ابى يرتشف نصف الكاس ويعطينى الباقى. ولم اكن اتوقع بانه سياتى يوم واتحسر على تلك الساعة واناديها من القلب كى تعود فيصطدم صوتى بحاجز الزمن وجبل طرطب ويرتد ليقول لى اصحى فانت فى عام 2009 واللى رحل من امام عيونك مستحيل بقى تشوفو عيونك.
فى ذلك اليوم قالت امى لوالدى : ابو ادور التنور بدو تغيير كلو تقلفع (اى اصبح به حفر ) فاجاب والدى :بد و تغيير اليوم تروح لعند فاركيس بشان او صيو تنور جديد .
وكان هناك خمسة عائلا ت تعمل بتصنيع التنانير :
1- عائلة ميرزا فى قرية دمخية
2- عائلة ازرق فى قرية صافيا
3- وفى القامشلى فاركيس وتوماس من بيت القواق وكانوا يلقبون ببيت الجرار وكانوا يصنعون الجرار ومنزلهم يقع خلف المسلخ القديم تقاطع شارع الكورنيش وشارع الطى باتجاه نهر الجقجق
4-الخالة مريم ام موسى عبدللة فى حى الوسطى منطقة موبيليا خشادوريان قبل عام 1950
5-خاتون مرت ملكون بنفس المنطقة
وبعد الفطور الصباحى جبنة وبيض (كان عندنا خمسة دجاجا ت) ومربا وخبز امى خبز التنور السميك
ذهبنا انا ووالدى لكى نوصى التنور من عند فاركيس وفى ذلك الوقت كان منزلهم يعتبر بعيد جدا وويوجد حوله اربع اوخمسة بيوت والباقى ارض فلا ووصلنا لعنده ووصاه والدى تنور صغير يتسع لاثنا عشر رغيف وكان بسعر خمسة ليرات وكان التنور الكبير يتسع سبع عشرة رغيف وبسعر سبعة ليرات .
وسالت العم فاركيس عن كيفية صناعة التنور فجاوبنى على مضض وكانه يعطينى سرالحياة.
اننا نعجن الطين الاحمر ( البيلون)مع الشعر الذي نجمعه من عند الحلاقين ونصنع الدائرة الكبيرة السفلى وهكذا نصعد لفوق حيث تكون الفتحة العليا اصغر من السفلى مع ترك فتحة سفلى كى يمر الهواء منها ونترك التنور ثما نية ايام لكى ينشف وهكذا يكون التنور جاهز .
وبعد ثمانية ايام راينا فاركيس واخوه توما س حضرا على عربانة يجرها حصان ومعهم التنور موضوع على العربانة , ورفعنا جنقال (جنكل ) الباب الخارجى وفتحناه على مصراعيه لكى نستطيع ادخال التنور
وتم ادخال ووضع التنور مكان التنور السابق بعد ان يكون توماس قد جهز مكان وضع التنور ويبنى فوقه بالتراب وبعد ان يصبح جاهزا يشعل توماس نار خفيفة داخله لكي يحرق الشعر ويطفى النار ويصنع روبة من البيلون (التراب الاحمر)ويبدا بصقل داخل التنور بواسطة قما شة ويرحل بعد ان ياخذ السبع ليرات حقه .ويكون الليل قد حل .,واذهب لبيت عمى عبى شمعون مع والدى وكانوا يلعبون الاوشلى امى وعمى شريك وابى وزوجة عمى شريك ويلعبوا هذه اللعبة حتى تنتهى اللعبة وتكون السهرة قد انتهت فنعود للبيت ونحن نسير والمطر ينهمر علينا ونمر تحت المزريب فنتحمم , وكانت لمبات الشوارع, لمبة صفراءعلى العامود, كنا نرى عندما ننظر اليها مدى غزارة المطر .
و عندما ندخل المنزل تكون الساعة التاسعة فاذهب الى البخيرى وتكون فرشات الصوف واللحف جاهزة للنوم فاضع رأسى وانام .ولا اعلم كم من الوقت استغرقت فى النوم اصحى على صوت امى فانظر اليها فاجدها تعجن العجين فى المغضب النحاسي (وهو وعاء كبير ) واستيقظ لاراقب امى وهى تقوم بهذه المعركة( وشتان ما بين امى وامهات الان )وتبقى قرب الساعة وهى تضيف الماء الساخن وتعجن وعندما يطلع الفجر تكون امى قد انهت العجن وتفتح اصبعى السبابة والابهام اكثر ما تستطيع وتغرس يدها بالعجين على شكل اشارة الصليب من اجل ان لا ينتفخى العجين عند التخمر من الوسط وبعدها تغطي مغضب العجين باللحف من اجل لا يبرد مما يساعد على اكتمال عملية التخمر وتضعه بقرنة الغرفة كي لا يدوسه احد من اخوتى اثناء القيام من النوم .
وبعد فترة معينة كانت تسجر( تشعل ) التنور واتذكر السنة اللهب التى كانت تخرج من فوهة التنور وبعد ان تخمد النار وتتحول الى جمر تكون امى قد جهزت ارغفة العجين وتبدا بلصقهم على جدران التنور من الداخل وتغلق التنورمدة عشر دقائق وتنظر الى الارغف ان نضجت اخرجتها وحركت النار بواسطة حديدة تدعى محريك التنور واخر دفعة لم تكن امى تنسى الكعكة التى تصنعها من العجين وكانت تدعى (كعكونة) .
ويكون الخبز حار فتصنع امى منه غذاء يدعى الخبيز وكانت تضع على الخبز الساخن سمنة عربية وترش عليه السكرة او بدل السكر ملح او تضع على الخبز الحار قلية .
وعندما كانت امى تنتهى من صناعة الخبز تكون القدرى ( وعاء من الفخار) جاهزة وفيها راس خاروف وارجل ( صمكات) وجوقات ,وتضعهم فى التنور وتغلق فوهته وعندما يحين وقت الغذاء كانت امى تخرج القدرى و تفرغها بالصينية فتكون اروع اكلة بالعالم ولن يعرف احد مدى طيبتها لا اذا عاد لذاك الزمن واكلها من يد امى.واخر مرة صنعت والدتى الخبز كان عام 1976 لانه بدأ يؤثر على نظرها, وبعدها بعامين انهد التنور نتيجة لعدم الاهتمام به ,ونتيجة الامطار والثلوج.

والان بعد رحيل التنور وصاحبة التنور ومشترى التنور ورحيل الاخوة والاخوات لم يبقى الا طعم ذاك الرغيف فى خيالى وذكرى ذاك التنور الذى كان حطبه سنين عمرك وذكريات طفولتك يا امى التى فقدتيها وانت واقفة خلف التنور تصنعين الخبز بيد ومستقبل مدينة باليد الاخرى .
بقلم الكاتب المهندس: سمير شمعون
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
صورة العضو الرمزية
ابو كابي م
مشرف
مشرف
مشاركات: 2136
اشترك في: الثلاثاء يناير 26, 2010 10:00 pm

Re: قامشلى ايام زمان.ورغيف التنور.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو كابي م »

than: than: than: than: than:
ابوكابي م
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: قامشلى ايام زمان.ورغيف التنور.بقلم المهندس سمير شمعون

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

لا شكر على واجب
بل الشكر وكل الشكر لأخونا سمير شمعون الغالي
على نشر هذه المذكرات الرائعة
دمتم
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”قامشلي أيام زمان“