الحروف السريانية . . .
تتألق بين أنامل الباغديدي بشار
نمرود قاشا
[email protected]
# نقطة ابتداء
اللغة السريانية ، هذا الإرث الحضاري الرائع . الذي كان يوماً لغة امةٍ عظيمة سكنت في قسم كبير من ارض آسيا ، والتي امتدت إلى حدود دولة الفرس و بلاد الأرمن و اليونانيين و حتى حدود بلاد العرب جنوباً .
وهي إحدى اللغات المعروفة بالسامية نسبة إلى سام بن نوح. ويشير الكتاب المقدس إلى أن إبراهيم كان سريانياً أي أرامياً مولداً ووطناً)).
وان أقدم اثر وصل إلينا عن اللغة السريانية باليقين التاريخي المحقق (( وذلك نحو 1740 قبل المسيح)).
وبعد هذا التاريخ نحو 500 عام كتب النبي دانيال بهذه اللغة التي تعلمها في بابل أثناء السبي البابلي الذي قاده الملك ( بختنصر ) على بلاد اليهودية ، وأن جزء من نبؤته كتبت بالآرامية .
إذن هذه اللغة الممتدة جذورها بعمق في التاريخ ، اللغة التي تكلم بها السيد المسيح ورسله وتكلم بها اليهود أيضاً أبناء فلسطين العائدين إليها من ( بابل ) بعد السبي (( وبقوا محافظين عليها أحقاباً حتى أنهم منذ ظهور المسيح ترجموا العهد القديم من العبرانية إلى لغتهم هذه الجديدة _ السريانية)).
وأخيراً أقول : أن الأمة السريانية لها الفضل على سائر الأمم المعروفة منذ القديم بأنها هي التي اخترعت الكتابة ومنها تعلمتها سائر الأمم وقد كتبت بالقلم القديم الآرامي (( الذي يقال له المسماري لان حروفه تشبه المسامير ، والتي بلا شك هي مكتوبة باللسان الآرامي )).
أن اللغة السريانية التي كانت دارجة في أورشليم وسائر فلسطين في زمن المسيح بقيت دارجة فيها بعد المسيح في عهد النصرانية أكثر من سبع قرون ، ولم تشهد هذه اللغة انحطاطاً (( إلا بعد انقضاء قرن على الفتح العربي يوم بطل استعمال هذه اللغة في الكلام الدارج فأضحت لغة الكتب فقط )) رغم إنها أصبحت في يومنا هذا لغة الطقس في الكنيسة وبعض المناسبات الدينية .
# المعرض الشخصي الأول
(24) لوحة زجاجية احتضنتها قاعة مركز السريان للثقافة والفنون في قره قوش ، في معرض شخصي أول لهذا الخطاط والذي افتتح يوم 18/ 6 / 2005 ، وهذا اليوم _ يوم الافتتاح _ صادف ذكرى احد أعمدة اللغة السريانية ( مار افرام السرياني 300 _ 373 م ) .
هذه اللوحات جاءت زاهية بألوان اختارها الخطاط بدقة متناهية كونها مثلت رموزاً لهذه اللغة كالاصالة والحب والعودة إلى الجذور .
وقد استطاع من خلالها إبراز اللحن الليتورجي والنكهة التراثية لهذه اللغة.
فكانت الأحرف الـ ( 22 ) تتألق بين أنامله متخذاً منها إشكالاً هندسية وتعبيرية وجمالية فبدت هذه الأحرف وكأنها تبث جزءاً من همومها على صفيح صقيل يزيدها تألقاً وجاذبية .
وكان الخطاط دقيق وموفق في اختياره ألوان لوحاته فجاء اللون الذهبي الذي يمثل الاصالة والقوة محاطاً باللون الأحمر القاني ، وكما كانه طاغياً في هذه اللوحات تجده يتصدر بعض رموز الكنيسة ، خاصة وانه قريباً من لون) الخمر) الذي تناوله السيد المسيح ويتناوله الكاهن يومياً . .
ولا ادري هل أن اختياره اللون الأسود قد جاء للتعبير عن حالة الانحطاط الذي أصاب هذه اللغة بعد القرن السابع الميلادي عندما انفردت اللغة العربية لتصبح لغة الحديث و الكتابة حيث بدأ بريق السريانية بالأفول التدريجي لتصبح لغة الطقوس و المناسبات و أحياناً الكتابة .
# الحرف السرياني بين أنامل الباغديدي
بشار الباغديدي ، عندما قرر أن يتعامل مع الحرف السرياني الذي أصبح استعماله مقتصراً على بعض المعاهد المتخصصة في سبيل خلق حالة من التواصل و لكون هذا الفنان اختار أن يبدأ من الصعب ليخلق من الحرف السرياني حالة تزاوج بين الحرف و هذا التراث الشرقي الرائع بكل ما يحمله من عبق التاريخ و أصالة و بين جمال اختياره الجمل التي احتوتها هذه اللوحات متخذاً من (الكرشوني) مرة و السرياني الشرقي مرة أخرى ، هذه الانتقاله خلقت نوعاً من التحفز و الشد للمشاهد لتشكل هذه الانتقاله لحناً اوبرالياً و سيمفونية رائعة تعزف تحت قبب الكنائس تذكرنا بمداريش مار افرام السرياني حيث تراتيل الجوقات و رائحة البخور
# كلمة أخيرة . .
قد لا يختلف اثنين على أن الخط السرياني هو أقدم خطوط الأمم و إنهم قد علموا البشرية الكتابة الأولى . ومنهم اخذ الفينفقيين خطوطهم . .
وعليه كان يسمى الخط الفينيقي أو اليوناني (الاسطرنجيلي) أي المستديد أو المفتوح ( ويقال له الخط الثقيل و الرهاوي الذي استنبطه (بولص ابن عرقا) الرهاوي في أوائل القرن الثالث و هو اصل القلم العربي الكوفي )) و هو أجمل الخطوط و أكملها و يكتب بتسميات مختلفة الشرقي ، الغربي ، الكرشوني.
و قد برز خطاطون كثيرون حافظوا على تجويد الخط و تألقوا فيه و اغلبهم من الرهبان و نساك الصوامع . . ومن المشاهير الذين برزوا في هذا الخط مار افرام السرياني ، و ربولا الرهاوي و يعقوب السروجي و عبد ايشوع السرباوي
# الباغديدي / بطاقة هوية
* بشار هادي سعيد
* مواليد الحمدانية 1965
* بكالوريوس تربية رياضية – جامعة الموصل 1993
* شاعر و إعلامي و خطاط
* أصدر
ثمرة الحب – مجموعة شعرية – 2004
ورشة الملكوت – مجموعة شعرية – 2005
* أقام معرضة الشخصي الأول للخط السرياني على قاعة مركز السريان للثقافة و الفنون في قره قوش في 18/6/2005
منقول .....