قراءة في وجه أرمنية

[حنا]

لأنك حرة
ثورية العينين
لأنك مثل العاصفة
تحرك واقع متجمد
كالصخر
لأن قلبك مفعم
بحب رقيق
واحد نحن في اثنين
لا اسم لنا يا غريبة
لا سرير نملكه أو صفصافة
رأيت وجهك أمس في الميناء
مسافر بلا أهل بلا زاد
سألت حينها عدالة الأرض
لماذا تقتلع الزهرة من الميناء
ترحل عندها إلى.....
سجن
منفى
وميناء
أرى وجهك كل يوم في السماء
أرى فيه مدن ضائعة
أرى زمناً أغبر
أرى بحر هائج
متفجر الأمواج
نموت إذا التقيناه
ونحيا إذا اجتزناه
أرى فيه سبب الموت
أرى الكبرياء
في وجهك هجرة
بين ليالي المجد والانكسار
فيه المنفى
وعودة من موت قديم
داخل ربيع عينيك
أرى أربع وتسعون عاماً مرير
أرى صورة لوجه أرمنية
أكملت عمرها في المنفى
حين كانت في الغربة
تعلمت لغات عدة
حملت متاعب السفر
نامت في كل الموانئ
أكلت حساء دون ملح
تعلمت أن تبكي بلا دموع
بعد أن حرموها من أهلها
جربوا كل سياط القهر فيها
صادروا الحق من فمها
حطموا كل عظامها
هدموا جدران منزلها
ثم رموها هناك في العراء
تحت الثلج والماء والبرد
رجفت أعضاء جسدها
استقر الموت في عظامها
ليتلوا بعدها السلطان
على الرعية التهم
إنها ابنة" شعب يجيد الأرمنية
يخزن في سواعده أسرار الحياة
يملك عقل يحل أكبر قضية
إنه مهيأ لأن يكون فيروس
يخطف التاج من رأس السلطان"
***
لأنك قطرة لمعت
في زمن الجفاف
لأنك نغمة
صاغتها الحياة
لأنك موجة
دفعتها الشواطئ نحونا
لأن وجهك لا يهزم
إلا طرباً
لأنك حرة من وهم تاريخ
صنعناه بأيدينا
لأن قلبك شعلة من نار
لأن الرفض يسكن ثناياه
واحد نحن في اثنين
يجمعنا في هذي الساعة
أمل العودة من عصر الجمود
من زمن تزين مساحيق التجميل
وجهه المغشوش
من زمن ما زال فيه أناس
يشربون الدم باسم الإله
لا يفرحون لنبض الحياة
في قلوب البسطاء
هؤلاء من دفنوا
وجهها في الماضي........وابتعدوا
( "ذات يوم أصدر السلطان فرمان
يقضي به الحقوق للرعية
كل مخلوق وإنسان
كل شخص على أرض السلطنة
له حقوق
هكذا جاء النص صريح
في كل البلاد
قال حينها أهلي للسلطان
شكرا أعطينا بعض من حقوقنا
حق العيش مثلا ككل إنسان
أتى جنود السلطان بعدها
سألونا عن الجذور
قلنا......أرمينيا
جاء الجواب بعدها
لا مانع من إعطائهم
حق الممات!")
واليوم مروا على وجهي
لم يذكروا اسمي
أنا وأهلي عندهم موتى
***
لأنك حرة
ثورية العينين
لأن في وجهك
تحدي مشرق
"في زمن الخوف"
أقدســــــــــــــه
لأن فيه رفض صارخ
لتفاهات الحلول
واحد نحن في اثنين
الدرب طويل لكنا
لا نفهم معنى للمنفى
نحفظ أسماء نرددها
ننقشها أبدا في القلب
حول القضية قال البعض
من الحكام والقادة
أنتم أيها الأرمن
ككل البشر في هذا الوجود
لا تنبشوا أحداث القضية
ما أنتم أول شعب تعرض للأذية
اتركوها للزمان
أعفوا إن العفو من شيم الكرام
جاء الجواب بعدها
معبراً عن حكمة العقلاء
يا قوم إنا لا نريد غير السلام
بلادنا هي مستقر "نوح"
بعد سفر طويل
هل سمعتم يا قوم
في الماضي أو الحاضر القريب
هل قرأتم من كتاب أو صحيفة
عن شعب عاقل
يطرح للبيع الوطن والعقيدة
أرمينيا هي مزيج من صمود ومرارة
لم تكن دماء شهداءها يوماً
للبيع أو المتاجرة
"مزقونا وانثروا اللحم على الطريق
احرقونا وارقصوا حول الحريق
وزعونا في الصحاري والشتات
جردونا من رداء المجد
من نبض الفضيلة
أسعروا الحرب علينا
بقوانين السلاطين المجنونة
غير آنا لا نقبل الظلم والعار
ولا التنازل عن حق الحياة "
***
لأنك حرة
ثورية العينين
لان وجهك مزيج
من يأس وأمل
لأجل هذا كله
أرى اليوم فيه
خريف العالم المنهار
ألمح فيه
ربيع العالم المولود
وجهك قصة
مسرحيات وأقلام قتيلة
وسطور بل فصول
من كتاب المجد
وجهك يحوي أدباً
غير مألوف
كل حرف فيه يحكي قصص
لجروح وإبادة ونزوح
سألوها ذات يوم
إلى أي البلاد انتماءك؟
"بلادي هي كل بلاد
تعشق الحرية
تترنم بصوت أجراس الكنائس
تحيا بذكر الله وتكبر"
يا أصدقاء .......
لا تسألوها بعد اليوم
من أبوها ؟ من أمها؟
أمها أرمينيا
أما الأب فالشرق

منقول : موقع أذاد هاي