هل انا غلطان

المشرفون: حنا لبيب خوري،مشرف

حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

هل انا غلطان

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

تبقى البطولات تأريخ وذكرى تتوالى على مرّ الأزمان من الأجداد وإلى الأحفاد ، فالكبير يرويها للصغير حتّى لا تُنسى على مرّ الدهور.
كان أجدادنا في قراهم في تركيا في سالف العصر والأوان ، مقاتلين ومدافعين عن دينهم وعرضهم وشرفهم وقوتهم وأراضيهم التي كانوا يفدونها بأرواحهم.ولكن حين اشتدت عليهم الأيام من الحكومات المتتالية أيام بني عثمان ؛ هاجروا طلباً للهدوء والسكينة وراحة البال..فهاجر منهم إلى بلاد النيل وآخرون الى أمريكا والآخر إلى بلاد الشام، ورحلت معهم وبدمائهم أيضاً شجاعتهم وصلابتهم، وتمسكهم في الأرض...
هاجر العم كبرو من آزخ إلى بيت لحم في ذلك الزمن الغابر، واستطاع بعد عدة سنوات أن يشتري له قطعة أرض وحولها بمجهوده الشخصي إلى كرمٍ من العنب ،وكأنّه في آزخ يقضي طوال يومه في ذلك الكرم بعد أن كبُر في السن...كان يأخذ معه إبنه اليافع ألياس إلى الكرم ليعاونه في تفقد دوالي العنب وتنظيفها من الأغصان اليابسة ،ويتسامر مع الصغير الى أن يحين وقت العودة ،فيعودوا الى البيت ،متأبّطاً سلّته المملوءة وفي كتفه بارودته التي لم تفارق كتفه أبداً طوال حياته ؛ والمثل يقول :من شبّ على شئ شاب عليه..
حدثني الياس بعد سنين طويلة هذه الحادثة،....فقال:كنّا في أحد الأيام في الكرم وقد جلسنا للراحة ،كان الوقت قبل الظهيرة أيام الثماني والأربعين أي أيام إحتلال الصهاينة أراضٍ من فلسطين ، عن طريق ترهيب السكان أصحاب الأرض أو عن طريق شراءها ،بأسعار مغرية ،أو عن طريق تزوير مستندات كما يحدث الآن ، فالتأريخ يعيد نفسه..وتابع ألياس:
بينما كنا جالسين ويحادثني والدي عن استحالة العيش مع هؤلاء الصهاينة لأنهم ليسوا أصحاب حق بينما نحن أصحابه ولنا كلّ الحق في هذه الأراضي.... كان مستنداً الى بارودته التي لم تبارحه مطلقاً، أشعل سيكارة واستطرد ...يا ولدي الحذر أن تأمن إلى يهودي منهم ، إنهم قوم غدّارين ،لا يرحمون ، انظر ماذا يفعلون الآن إنهم في كل يوم يضيقوا الخناق على عائلة لتترك لهم ما تملك وتهاجر ،.....ولكن على من ؟؟ليس كل طير يؤكل لحمه ، وأشار إلى بارودته.
لم يتم جملته هذه حتى لعلع الرصاص فوق رؤوسنا بحيث إنبطحنا على الأرض لنتفادى الرصاص والموت .نظر والدي الى اليمين وإلى اليسار لم يشاهد أي شخص ،أو أي شئ يدل على من قام بهذا العمل، وبارودته في يده ، عاد إطلاق الرصاص مرّة ثانية ، إختبأنا وراء صخرة كبيرة نحتمي بها من الموت ، صرخ أبي في الهواء قائلاً :إذا كنتم رجال أروني من أنتم .....ولكن لا مجيب.
كانت عصابات الهاغانا الصهيونية تتصارع مع بعضها البعض على الماقف السياسية فيما بينها أيامها وكنت على يقين تام أننا لسنا المقصودون في تلك المعركة ولكن كان الرصاص الطائش يلعلع فوق رؤوسنا ،وبقينا على هذه الحال فترة ،نظرت إلى والدي قال الياس ،كان الشرريتطاير من عينيه ،وبعد أن هدأ الجو الحربي هذا،وإنقطع إطلاق الرصاص. رأيت والدي والزبد يطفو على فمه من شدة الغضب ،صرخ الكلاب كانوا سيقتلوننا ولا نعلم أو نعرفهم؟.
وفجأة تمدّد على الأرض ووضع رأسه على حجرة بحجم الوسادة وأشار لي الى حجرة كبيرة بحجم البطيخة قائلاً:
قم يا ولدي واقتلني بهذه الحجرة فوق رأسي.....
ضحكت من تصرفه ولكنه أصرّ علي فقلت يا بابا ماذا تقول؟؟؟
فما كان من والدي حتى تناول بارودته وصوبها نحوي قائلاً :يجب أن تقتلني لكي اعرف أقلّه من قتلني ولا أذهب هدر وعاد وتمدد...
عندها توسلتُ له بحق كافة القديسين الذين مرّوا بذاكرتنا وبحق العذراء وحتى توسلتُ له بحق عزرت آزخ بأن يقوم ويبعد عنه هذه الفكرة الشؤم ....
وبعد أن هدأت نفسه وحواسه جلس وغسل وجهه المعفر من التراب وقال:
هربت من آزخ إلى هنا من أن يغدرني أحدهم ولكن هنا أيضاً سأُقتل دون أن أعرف قاتلي؟؟؟؟؟؟؟
هكذا كان أجدادنا وآباؤنا ترحل الرجولة معهم أين ذهبوا ولكن هل كانت تلك الرجولة زيادة عن اللزوم أم أنا غلطان ؟؟؟
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: هل انا غلطان

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

بارك الرب فيك
أخي حنا الحبيب الغالي
قصة من روائع قصص أبائنا العظام لولا هذه الرجولة لما بقينا أو كنا نحن
أما هكذا رجولة أو فلا ليس غلطان أبداً
بهذه الرجولة أستمر بقاء هذه الأمة
شكراً لك على كل ما تنشره من قصص حكيمة
بركة الرب معك
أخوك: سمير روهم
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الازخيني“