خبر عن الحمص

المشرفون: حنا لبيب خوري،مشرف

حنا لبيب خوري
مشرف
مشرف
مشاركات: 163
اشترك في: السبت مارس 28, 2009 9:59 am

خبر عن الحمص

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا لبيب خوري »

. . كان كبارُنا يقصّون علينا الحكايات والحوادث البسيطة، التي عاشوها أو توارثوها عن آباءهم ، ومجتمعاتهم القديمة والتي سبقت مجتمعاتنا ، ومدى الحضارة التي عاصرناها نحن بعدهم نوعاً ما .
وعندما رووها لنا ... لم نكن نأخذ بالتدقيق فيها ، ومناقشتها ، ومدى صحّة وقوعها . فقد تكون مختلفة من راوٍ لآخر ، في إحدى سهراتهم الجميلة ؛ أو قد حدثت ولكن بغير الصورة التي تُروى .. فمن عادة الأغلبية ، أن يسترسلوا بالواقعة ثم تتشعّب عند سردها من شخصٍ لآخر . فقد تكون عبارة عن كلمة قيلت هنا أو هناك ...فتتحوّل إلى أسطورة أو ملحمة ، كل ذلك للتسلية وقتل وقت الفراغ الذي كانوا فيه آباؤنا وأجدادنا في آزخ .
ومن هذه القصص والحواديث الغير موثّقة ......... ما حدث يوماً أيام الأجداد في آزخ .
يقال أنه كان هناك قس ، مثال للأخلاق والتفاني والمثل الصالح لأهل البلدة .. ملتزم بواجبه الكنسي والرعوي ، لا يفوته تذكار أو عيد أو مناسبة إلاّ وتهيأ لها جيدا ، وبكل صدق ودقّة ، وينفذها كما تعلّمها من سلفه .
فكان قبل أن يبدأ الصوم الكبير على الرعية يستغل بضع لحظات من إنشغال زوجته الخورية بأعمال البيت .... فيضع في جيب سلطانته السوداء التي يرتديها ، كمية من حبات الحمص القاسية تساوي عدد أيام الصوم ، حتى لا يضيع عليه وعلى المؤمنين ساعة صوم أو يزيد يوم عليهم . فمن شدة تمسُّكه في الطريق السوي كان كلّ صباح يوم يرمي حبة حمص ويعدّ ما تبقّى ، ليرد وبكل فخر .... كالآلة الحاسبة والكومبيوتر في هذا الزمن ، ليرد عند سؤاله عن عدد الأيام الباقية للعيد ، فيشاغل السائل بحديث جانبي ...بينما أصابعه تُحصي حبات الحمص وعندما يتأكّد من عددها ..... يقول .. سألتني كم يوم بقي للعيد هه .... هه بقي يا بني ........ كذا يوم .
وهكذا كان القاشو دقيقاً في حسابه ...حتى كان في إحدى السنين وبمجرد الصدفة وعندما قامت الخورية بغسل ثوب أبونا القس وبسهوة منه ... في الصباح الباكر وأفرغت جيوبه ..... واستغربت وجود حبات الحمص الباقية وابتسمت في سرها قائلة : ولماذا لا يقول أنه يحب القضامة ؟؟ وبالصدفة كانت قبل يومين قد طبخت حمص وقامت بتحميصه ......فبعد أن غسلت ثوب زوجها ملآت إحدى جيوبه كمية لا بأس بها من الحمص .
إرتدى قاشونا ثوبه ... وقام حضرة الأب المفضال بجولته المعتادة في البلدة على أصحاب المحلاّت ليقضي بعض الوقت قبل ساعة الصلاة .
سأله أحدهم .
أبونا ... سع .. كم يوم بقى شالعيد .... فخيرك ؟؟؟
وضع أبونا يده في جيبه كالعادة .... وبدأ بالعد ..ويعد ويشاغل .....الرجل بأحاديث جانبية ، أعاد الكرة أبونا القس وبدأ يعد .... ويعد ويعد .
لم يصل إلى نتيجة فقد تخطّى العد أيام الصوم بكثير ....جال فكره هنا وهناك ... لم يستطع إلاّ القول والردّ بلهجة من خسر المعركة قائلاً :
إبني إذا حمصنا ... هل ... الحمص ... ويه ....السنة ... عيد ما ..في .
وكانت تلك السنة الوحيدة التي أُجبر بها أبونا القس على معرفة العيد من القرى المجاورة ... ومن كهنة الجوار .
هذا ما قامت به الخورية من تقدير ومساعدة أبـــــــــــــــــــــــونا في مسك دفاتره الحسابية .......
حنا
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 509
اشترك في: الاثنين مايو 04, 2009 4:41 pm
مكان: Syria
اتصال:

Re: خبر عن الحمص

مشاركة غير مقروءة بواسطة حنا »

صورة
صورة
snow

Re: خبر عن الحمص

مشاركة غير مقروءة بواسطة snow »

مشكور على هذه القصة الجميلة
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الازخيني“