الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

المشرف: مشرف

صورة العضو الرمزية
henri bedros kifa
مشرف
مشرف
مشاركات: 273
اشترك في: الأربعاء مارس 31, 2010 8:36 am

الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة henri bedros kifa »

الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

لقد نشر الأديب ميخائيل ممو مقالا عنوانه " رُسُل الأدب ورُوّاد الشعور القومي أحياء في قلوبنا" موجود في موقع عنكاوا على الرابط التالي

http://www.ankawa.com/forum/index.php/t ... 640.0.html

الغريب ان السيد ممو يتكلم عن أهمية لغتنا القومية و لكنه في نفس الوقت لا يذكر إسمها !

مقال السيد ممو هو حول أهمية دور رواد الشعور القومي و بالأخص الأستاذ نعوم فائق : هذا المقال الذي لا يسمي لغتنا بإسمها التاريخي و العلمي و هو اللغة الآرامية / السريانية لهو دليل على فشل رواد الشعور القومي في بداية القرن العشرين !

اولا - الأستاذ نعوم فائق و اسم لغتنا التاريخي .

أ - الأستاذ نعوم فائق هو معلم للغة السريانية و له عدة كتب لقواعد اللغة السريانية . المشكلة ان هذا المعلم قد ردد بعض المفاهيم الخاطئة حول هوية الشعب السرياني الآرامي فنراه يسميها تارة سريانية و طورا أشورية ! و هذا ما دفع بعض الكتاب المغامرين الى الإعتقاد ان لغتنا السريانية هي سليلة اللغة الأشورية ( الأكادية( .

ب - الأستاذ نعوم فائق و البحث التاريخي كان الأستاذ فائق معلما للغة السريانية و كانت غيرته و محبته قد دفعتاه الى إنشاء الصحف لنشر الوعي القومي بين السريان. محبتنا لهذا الرائد في العمل القومي يجب ألا تمنعنا أن ننتقده إذا أخطأ في طروحاته التاريخية . يجب على القارئ السرياني ألا يتضايق إذا قلنا ان نعوم فائق كان مدرسا و شاعرا و صحافيا أكثر من يكون باحثا

متخصصا في تاريخ الشعب السرياني الآرامي! إنني لم اجد له اية دراسة تاريخية حول تاريخ الشعب السرياني .

ج - هويتنا عند نعوم فائق هي متقلبة و غير واضحة يردد إخوتنا الذين يؤمنون بالتسمية الأشورية ما ذكره في قصيدته :

"إنهض يا ابن أشور إنهض" و يدعون ان المعلم نعوم فائق كان يؤمن أن الهوية او التسمية الأشورية هي التي توحد كل الطوائف السريانية . مشكلتنا مع هؤلاء الإخوة إنهم " يتجاهلون" كليا ما كتب المعلم فائق في إفتتاحية العدد الأول من مجلة الإتحاد حيث نراه يسمينا أبناء آرام و الأمة الآرامية و حيث نرى بكل وضوح ان التسمية الآرامية هي التي توحدنا و هذه الإفتتاحية قد جاءت بعد القصيدة بعدة سنوات ! و عنوانها " الصحافة الآرامَّية و مبادؤها السّامية" تجدونها على الرابط التالي

http://www.gazire.com/forum/viewtopic.php?f=31&t=19930

د - المعلم نعوم فائق و دعوته الصادقة الى الوعي القومي نحن نخلد ذكرى المعلم نعوم فائق لأنه كان يؤمن بإنتمائنا الى شعب واحد و لأنه ناضل من اجل نشر الوعي القومي و الإبتعاد عن الإنتماء الطائفي . نحن لا نلومه لأنه ردد بعض المفاهيم الخاطئة حول تاريخ الشعب السرياني الآرامي : فهو كان يكتب إسمنا التاريخي في مجلة بيت نهرين " ܐܣܘܪܝܝܐ" بدل" ܣܘܪܝܝܐ " لأنه كان يعتقد أن إسمنا السرياني مشتق من الشعب الأشوري القديم إستنادا الى رأي العالم الفرنسي ارنست رينان !

في كتاب شبه مفقود للمعلم نعوم فائق حول الكلمات السريانية في لهجة ديار بكر نراه يسمي لغتنا " السريانية ، الآرامية ، الأشورية (في اللغة الإنكليزية)" . فنحن اليوم نعرف جيدا لما اطلق علماء الأثار تعبير " اللغة الأشورية" في أواسط القرن التاسع عشر و كيف تداركوا هذا الخطأ لأن اللغة كانت أكادية و أن اللغة السريانية هي متحدرة من اللغة الآرامية و ان اجدادنا كانوا يسمون لغتهم الأم : اللغة السريانية او اللغة الآرامية .

ه - نضال المعلم نعوم فائق من اجل الوحدة لم يدرس المعلم نعوم فائق التاريخ : محبته لهذا الشعب دفعته الى كتابة بعض المواضيع التاريخية. و بالرغم من ارتكابه لأخطاء تاريخية تشوه هويتنا السريانية الآرامية فإننا نؤمن أنه كان صادقا في بحثه و يبقى لنا من رواد الفكر القومي على شرط ان نقييم طروحاته التاريخية و نقارنها بالدراسات التاريخية حول السريان و التأكد من المصادر السريانية اذا كانت تعارض طروحاته

ثانيا - الأديب ميخائيل ممو و أهمية لغتنا ( ؟ ) الأم .

لا شك أن اللغة هي وعاء الأمة . والأستاذ ممو يؤمن بهذه الفكرة فهو يذكر:

"... نقول بأن اللغة هي التي ترتقي بواقع أية أمة لدرجة التطور والمدنية ، لكونها الوسيلة التي تقودنا إلى التفاهم والتعبير وتجسيد المشاعر شفوياً وتحريرياً. وبما أن اللغة تُعد من الأسس الرئيسية لمقومات أية قومية ، فأنه يستوجب استعمالها والحفاظ عليها بإهتمام بالغ ، لكونها تجسد شكل هوية الإنتماء القومي. ولأجل ذلك تحتم الضرورة أن نكون واعين لمعرفة هذه الحقيقة، وعلى معرفة أكبر بأن الواجب الرئيسي لإثراء اللغة هو من مهام الأدباء والمؤلفين والكتاب واللغويين والشعراء والعاملين في حقل التعليم بغية إحياء وتأكيد وجودها وتطوير آفاقها وإيصالها لعقول ومدارك أبناء ذلك الشعب الناطق بها والفخور بتراثها ، وبالتالي التعامل بها بصدق وإخلاص وإهتمام دائم."

أ - لا اعتقد أن احدا يعارض الأفكار التي ذكرها الأديب ممو و لكنه لم يذكر إسم هذه اللغة ؟ و هو الذي يتغنى بحب لغتنا الأم و يسميها ( و هو الأديب الكبير ) " اللغة الأشورية " فهل إقتنع أخيرا أن لا احد يستطيع ان يحرف الإسم التاريخي للغتنا السريانية الآرامية ام أن عدم تسميتها في هذا المقال ب " اللغة الأشورية" هو تهرب من ذكر إسمها العلمي ؟

ب - كتب الأديب ممو " وبما أن اللغة تُعد من الأسس الرئيسية لمقومات أية قومية ... لكونها تجسد شكل هوية الإنتماء القومي" إن الفكر الأشوري مبني على طروحات تاريخية خاطئة و عناد البعض في تسمية لغتنا ب" اللغة الأشورية" لهو تطرف كبير لأن الشعب الأشوري كان يتكلم اللغة الأكادية التي كانت منتشرة في كل الشرق و قدامى الفرس إستخدموها و لم يسموها " اللغة الفارسية" و حتى ملوك أشور أنفسهم كانوا يسمونها أكادية و ليس " أشورية"!

ج - محاولات بعض الإخوة في الإدعاء بوجود " لغة أشورية" قديمة و" لغة أشورية حديثة" سوف تفضح بقية الطروحات الأشورية و لن تنجح في تزوير إسم اللغة السريانية الآرامية و تاريخها !

د - كتب الأديب ممو " من خلال تعايشنا في أوساط مجتمعنا الآشوري بكافة انتماءاته المذهبية والطائفية..." . إختلافنا مع الأديب ممو هو ان هويتنا من خلال مصادرنا السريانية كانت آرامية : فبرديصان كان يسمى " برديصان الآرامي" و مار افرام الذي لقب بالسرياني لم يستخدم تعبير " التسمية السريانية" فهو يسمي لغتنا آرامية و مواطنيه يسمينهم" آراميين" و ليس " أشوريين"

لقد وردت ألتسمية ألأرامية عدة مرات في نثر مار افرام ، فهو يسمي لغتنا " أرامية "

ܐܰܝܟ ܕܰ ܟܬܺܝܒ ܒܳܐܪܳܡܳܝܳܐ .

كذلك يوجد نص مهم عن ألأراميين.

".. ܟܰܕ ܡܶܬܪܓܶܫ ܒܪܶܥܝܳܢܳܐ ܓܽܘܚܟܳܐ ܕܶܝܢ ܥܒܰܕ ܢܰܦܫܶܗ ܒܶܝܬ ܐܳܪ̈ܳܡܳܝܶܐ ܘ ܝܰܘܢܳܝܶܐ ܦܝܠܘܣܦܐ ܕܐܳܪ̈ܳܡܳܝܶܐ "

و قد ترجمها MITCELL بألشكل التالي

“But the philosopher of the Syrians (i.e Bardaisan) made himself a laughing-stock among Syrians and Greeks”

كان من ألأفضل أن تترجم ألتسمية ألأرامية بـ" ألأراميين " إحتراما لفكر مار أفرام ألذي لم يستخدم ألتسمية " Syrians " إنه واضح جدا إستحالة ترجمة ألأراميين هنا بـ " Pagans "، و برديصان ألأرامي كان مسيحيا .

- EPHREM 'S PROSE REFUTATIONS OF C.W MITCHELL , .SAINT Mani, Marcion and Bardaisan (2 vols.; London & Oxford: Williams & Norgate, 1912 & 1921), vol. II, page7

ه - التسمية الأشورية هي حديثة جدا و للأسف الشديد أصحاب هذا الفكر يدعون بغيرتهم من أجل الوحدة و هم يتلاعبون بالحقائق التاريخية و يرددون حاجتنا من اجل نشر الوعي و لكنهم في نفس الوقت يروجون طروحات غير علمية تقسم شعب السورايي اي السريان الآراميين ! الأديب ممو يردد ان اللغة " تجسد شكل هوية الإنتماء القومي" ويكتب ايضا " مجتمعنا الآشوري بكافة انتماءاته المذهبية والطائفية " فهل لأنه يؤمن بالتسمية الأشورية الحديثة ( المزورة لهوية اجدادنا) يحرف إسم لغتنا الى " أشورية" ؟

الخاتمة

أ - كل باحث متخصص في تاريخ السريان يستطيع ان يصحح بعض طروحات المعلم نعوم فائق : لا يوجد لغة أشورية قديمة ومن يريد أن يتأكد فليراجع " قاموس شيكاغو " ألأشوري " و أللغة ألأكادية" على الرابط

http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarik ... nyi/20.htm

لقد أخطأ المعلم نعوم فائق في إطلاق تعبير" اللغة الأشورية" على لغتنا السريانية الآرامية و هنالك دراسات عديدة تثبت ان اللغة السريانية الآرامية هي لغة مستقلة عن اللغة الأكادية .

ب - لا يوجد اي باحث متخصص في تاريخ اللغات الشرقية قد ذكر ان اللغة الآرامية متحدرة من اللغة الأكادية . و من حق كل باحث ان ينتقد و يصحح طروحات المعلم نعوم فائق الخاطئة !

كان المعلم نعوم فائق يردد " ثلاثة تنجح الأمة: قلم الكاتب، مخزن التاجر وحقل الزارع ". للأسف لشعبنا بعض " أقلام الكتاب" تحاول يائسة أن تزيف إسم لغتنا المقدس الى" اللغة الأشورية" و يطلبون منا في القرن الواحد و العشرين أن نتخلى عن إسم لغتنا العلمي من اجل تسمية غير علمية مزيفة !

ج - نحن ننتقد بعض تعابير المعلم نعوم فائق من أجل تصحيح الأخطاء مع إننا نعرف أنه في سنينه الأخيرة كان يستخدم تعبير اللغة الآرامية و لكن إخوتنا الذين يؤمنون بالتسمية الأشورية يروجون ان نعوم فائق قد ربط الفكر القومي بالتسمية الأشورية و هذا غير صحيح من خلال مقاله في إفتتاحية مجلة الإتحاد !

د - كتب الأديب ممو عن المعلم فائق " بتعاده وعزوفه عن المصالح الشخصية والمادية ، وقضاء وقته في الأعمال ذات النفع العام لإعلاء وتبجيل الإسم القومي بغية اقتناء الحقوق القومية. "

بعض الأسئلة

* ما هو إسمنا القومي ؟

* ما هو إسم لغتنا العلمي و التاريخي ؟

* هل يوجد سريان آراميون لغتهم الأم هي اللغة السريانية و " أشوريون" لغتهم الأم هي" الأشورية" ؟

* إعتراف بعض الأحزاب الأشورية و بعض المواقع ان اسم لغتنا الأم هو السريانية هل هو تنازل ام حقيقة علمية ؟

أخيرا أن " سر" عدم ذكر إسم اللغة التي " تجسد شكل هوية الإنتماء القومي." سيظهر عاجلا ام اجلا و إذا كان الأديب ميخائيل ممو لا يزال " يعتقد " أن لغته الأم هي " الأشورية" فهذا يعني أن عدم ذكر إسم هذه اللغة المهمة هو مناورة فاشلة .

هنري بدروس كيفا
صورة

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

الاختصاصي في تاريخ الآراميين
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

سلمت يمناك على هذه الدراسة المعقة في ما يتداوله الآخرون
أنك في كل مرة تحلل وتصيب في دراستك وتحليلك
وأنك تضع النقاط على الحروف
قلتها وأقولها
الباحث شيئ والكاتب شيئ آخر
لكل له دوره ومعرفته
واليوم لدينا الباحث والمفكر والكتاب
ليأخذ كل واحد دوره ليس كما في السابق
بركة الرب معك
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
bashar4uaramic blood
عضو جديد
عضو جديد
مشاركات: 3
اشترك في: السبت مارس 05, 2011 5:11 pm

Re: الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة bashar4uaramic blood »

هادا تهرب واضح من ميخائيل ممو بشان مصحالو الشخصية لان ما ضل حدا يحكي الحكي يلي يحكيه خلي يجدد حالو لان هلحكي قديم كتير و ما ضل حدا يقتنع فيه
يعطيك العافية ملفونو هنري علتوضيح taw:
صورة العضو الرمزية
henri bedros kifa
مشرف
مشرف
مشاركات: 273
اشترك في: الأربعاء مارس 31, 2010 8:36 am

Re: الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة henri bedros kifa »

هنري بدروس وفشله بفهم مشاعر روّاد الشعور القومي

بقلم : ميخائيل ممو / السويد

في البدء أود القول بأنه نادراً ما أمسك بالقلم بغية الرد على العديد من المداخلات التي تتناول كتاباتي الأدبية في مجال الشعر والنثر ، رغم خلو البعض منها من عناصر وأسس النقد الأدبي والعلمي السليم والقويم. وبما أن الأخ هنري بدروس يتطاول دائماً بإستفزاز شديد اللهجة ، وبإسلوب رفض أفكار الآخرين ممن يتناولوا موضوعات تاريخية ولغوية وفكرية ذات صلة بوجود شعبنا المتفاوت التسميات ، كونها تتعارض وتطلعاته الخاصة ، وجدت إن الفرصة مؤاتية لأدلو بدلوي عما كتبه من تعليقات على مقالتي المنشورة في العديد من المواقع بعنوان " رُسُل الأدب وروّاد الشعور القومي أحياء في قلوبنا " والخاصة بالذكرى السنوية للملفان نعوم فائق ، لأقول له:
يزيدني فخراً بأنك تمسك المقلاع بيدك لترمي بحجارتك تلك الشجرة المثمرة التي لا يمكنك النيل من ثمارها لتسقطها على الأرض علـّك تقتنيها دون تأملك بأنها ممرغة في التراب لتدعها جانباً ، وتعيد الكرة ذاتها مرات ومرات دون جدوى ، متناسياً من أنك تزيد من زهو عطائها والتخفيف من ثقل حملها لتمنحك ثماراً أينع وأنفع .
ومن ناحية أخرى أجدك ولمرات عديدة تخوض غمار التسمية الآشورية والسريانية والآرامية بأيهما الأصح ؟ وبأيهما الأقدم ؟ وبأيهما الرسمية؟ وبأيهما هي لغة الشعب؟ ووو ... لتتوقف في تساؤلاتك متمركزاً بعبارة أيهما الأصح والأكثر شرعية؟
وهنا تعود بي لتذكرني بمقولة أيهما الأصل البيضة أم الدجاجة؟ وبالعبارة المتعارف عليها " هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة؟ " وربما تجيبني لا هذه ولا تلك ، أو أن تقترح بما يحلو لك. كما ولا يغفل عليك إن كنت من المؤمنين أن تجيبني بما شاء للرب في خلقه.
أظنك دوماً بأنك لا تستنكر مواقفي فيما أذهب اليه من حيث النعت اللغوي ، كونك تعلم جيداً وعلى دراية تامة بما أؤمن به ، ربما من خلال كتاباتي الأدبية أو أحاديثنا الصوتية التي عفى عليها الزمن دون أن نصل الى قناعة ورضى بما نرمي اليه ، وكأنما نتراوح في دائرة مقفلة لنستخلص فلسفة من خلق الخالق، وبالتالي لنستنجد ونتعض بالنصوص الميثولوجية المتمثلة بتلك الأساطير التي ارتقت بالعقل والفكر الإنساني في العصور الأولى من التاريخ البشري ، لنلحق بها ونحلق بما توالى من أفكار واجتهادات المحدثين المعتمدين من الفلاسفة والمبشرين الذين يدلون بدلوهم فيما هم ذاهبون اليه لغاية في نفس يعقوب.
ومما يسرني هنا أن احيي فيك روح منهجية البحث العلمي والإستقراء الزماني والمكاني ، ولكن عليك أن تعلم وكما تشير عن اسلوب المنهج العلمي في مدلولاتك أن لا تنس بأن المنهج العلمي مفاده عملية تنظيمية بطرق واساليب ذهنية وحسية متفاوتة مستندة ومستمدة من وقائع مادية ومعنوية تتحكم بها الأحداث المتوالية ، وما تبرهن عليه اليوم قد ينكشف سره غداً وبالعكس ، ولهذا تجد العديد من الباحثين واللغويين تختلف رؤاهم من جراء الاستكشافات والدراسات المتوالية وما تمليه عليهم أحداث العصر التقني الدقيق. وليكن في علمك ، أنا شخصياً لست ممن يتزمت ويتعنت بما تتوقعه في كتاباتي ، ولكن هذا هو ايماني وقناعتي وتصوري التي استمدها جميعاً من نشأتي ودراستي وتواصلي ، وكما هو أنت عليه ، وفيما إذا كنت قد رضعت حليب طفولتك من أم آشورية وأب آشوري لكنت قد التزمت بذات الموقف في تسمية لغتك الأم التي اعتز بها وانعتها بالاشورية لترادفها السريانية ، ولكن أقولها لك صراحة ، آه وألف آه على أحداث الزمن والوقائع اليائسة البائسة التي أردتنا في وديان متفاوتة فرقتنا وابعدتنا عن بعضنا كشعب واحد ينحدر من ذات الأرومة ـ إذا صح التعبير بنظرك ـ لتجعلنا نقدس أهواء مفسدينا ونركع أمامهم ، لنتشبث بتسميات مختلفة ومفرقة , ولنغير رموز حروفنا والفاظها لنتناسى بأن اللغة الموَحَدة هي التي توحّد أبناء الشعب الواحد من المنضوين تحت راية التسمية القومية الأصيلة لا الدخيلة والمحرفة لأسباب خارج نطاق ارادتنا ، وبشكل خاص من الغرباء الذين لا صلة لهم بوجودنا القومي أو الإثني ، وأكبر دليل على ذلك تحريف مفردة " اسيريان " الى " سيريَن " أو " سريان " وغيرها من الإشتقاقات الصرفية المتقاطرة التي سنأتي على ذكرها ، وأنت على معرفة تامة ماذا اعني بذلك. كما ولا تنس بأن مناشداتك التي تتطاول بها لتزييف الواقع بإعتمادك بعض المصادر ومعتمديها والإشارة لتحليلاتهم واستنتاجاتهم ، لا يغرب عن بالك بأن هناك أيضاً من يدحضها ويرفضها ويدعها في خبر كان. فلماذا يجوز لك بما تذهب اليه ولا يجوز لغيرك من الذين يعتمدون الفريق الثاني المخالف لرأيك. ولا اريد هنا أن أخوض في معامع وغمائم تكثيف التحويرات الحرفية من جراء قياس السفسطة التمويهية والنطق / اللفظ الأجنبي الذي أوصلنا لهذا اليوم لنكون لقمة سائغة في أفواه من سلبونا حضارتنا وانتزعوا هويتنا واستمدوا منها كل ما جعلهم أعلى شأناً وأرقي تمدناً وأبرز وجوداً.
أما أن تقلل من شأن شهيد اللغة السريانية والوجود القومي الآشوري/ الآثوري والسرياني ( لكي لا تغضب علينا) الملفان نعوم فائق ، كونه قد حاد في بعض مواقفه التي تنعته بها ـ وفق رأيك ـ فهذه مشكلتك لوحدك ولمن ينهج نهجك. أما إن كنت قد امعنت البصر بما عمدته في مقالتي لكنت قد أشدت بفحواها المقصود ، ولكن يبدو عليك أنك انجرفت في تيار حساسية حاستك السادسة الخاصة بالتسمية اللغوية الآشورية فقط والناطقين بها ، ورحت تدون ما يحلو لك لتولج الحبل الغليظ في ثقب الإبرة بمحاولات يائسة ، اللهم إلا إذا فتت وعزلت خيوط التركيب منفردة ، وهذا ما يتطلب منك جهداً بالغ الأهمية لتصيب الهدف المنشود.
وفي نهايات اسطرك المتناثرة تحثني للإجابة على اسئلة لا تخصني ، وتحملني وزر ثقلك حين تقول: ما هو اسم لغتنا؟ واسمها العلمي والتاريخي؟ وهل يوجد سريان اراميون لغتهم الأم السريانية واشوريون لغتهم الأم الاشورية؟
اجابتي ادونها بإقتضاب ومفادها هو: كيف تريدني أن اجيبك وانت لا تعترف بوجودك الاشوري الذي تتنكر له ، بالرغم من أن وجودك هو امتداد لتلك الحقب التاريخية والحلقات المتواصلة من أبناء أكد وبابل وآشور؟ وكيف تريدني أن ادبج لك تسمية لا تعترف بها رغم تأييد العديد من المؤرخين واللغويين لها ومن جنسيات متفاوتة؟ وأنت على علم بكتاباتهم. وإذا كان هدفك من صيغة سؤالك الثالث أن اجيبك بنعم أو لا ، فهذه مشكلتك أيضاً ، وبكلا الإجابتين سوف لا تقتنع ، لكونك تقول بأنك سرياني آرامي فلا أعلم ما هي لغتك أهي سريانية أم آرامية؟ أم العكس؟! أم أنك مزدوج المواطنة في الإنتماء القومي واللغوي. وكما تعلم ليس من عادتي وطبيعتي أن أقطر لك التسميات على شكل قاطرات متفاوتة التركيب لا تستوعبها السكة القومية المُوحَدَة والمُوَحِدة بطولها المتوازي التواصل. ولماذا يجوز لك التركيب اللغوي السريانية/ الآرامية أو الآرامية/ السريانية ولا يجوز لنا الآشورية/السريانية علماً بأن السريانية هي تحوير واشتقاق ومرادف للآشورية .
أظنك على علم بأنني نادراً ما أرد أو أجيب على مداخلات لا طائل منها ـ كما أشرتُ في البدء ـ لتردينا في متاهات أنا في غنىً عنها. وبما أنك اعتدت أن ترمي بسموم سهمك في جسد تسمية اللغة الآشورية ، ولكن هذه المرة بشكل مغاير ، لذلك آليت على نفسي أن أجيبك بما قل ودل ، وبما هو غيض من فيض لكي لا تتصور بأن المناورة فاشلة حسب تصورك ، آملاً أن تقرأ الموضوع بإمعان لتصيب الجوهر بعين ثاقبة علك تتجنب الشكليات التي توردها. ورغم كل ذلك أنني لم أتناول وأرد على كل ما دونته عن شهيد الحرف والصحافة الآشورية (عفواً السريانية لتقتنع نوعاً ما) التي حمل رايتها الى جانب الشهيد آشور يوسف وغيرهم في عهد ولادتها بين مظالم واضطهادات نشوء النهضة القومية لإثبات الوجود القومي الذي تؤمن به كما يؤمن به غيرك ممن لهم قناعات بشرعية هويتهم القومية رغم تفاوت انتماءاتهم المذهبية. ومن آمنوا بذلك الوجود في حينها ليلقوا ما لاقوه من ظلم وانتهاك وتشريد ، وبالتالي ليتمجد المشردون من بني جلدتنا وبشكل خاص من بني آشور الذين راجعوا التاريخ ووعوا ما لحق بمن تقدمهم من أسلافهم ، لينبروا بمواجهة التاريخ الحديث بإسلوب تقره المنظمات العالمية لتقرير مصير الشعوب بتأسيس تنظيماتهم السياسية والقومية والثقافية متمثلة بالطليعة الواعية التي ضحت بحياتها على مذبح الحرية لنيل حقوقها القومية من أجلي وأجلك ومن أجل من كان يقبع في الدهاليز الحالكة. أوليست تلك التنظيمات هي التي جعلتهم يبصرون بريق الأمل ونور الوعي ليعوا وجودهم؟ ومن المؤسف قوله ما أن اشتد عود البعض منهم بمراوغات الزيف والخداع والمصالح الشخصية لإرضاء أسيادهم الطامعين عادوا وتمثلوا بشجاعة تلك الصفات السلبية المؤلمة والآنفة الذكر, حالهم حال من وصفهم الشاعر بقوله:

اعلمه الرماية كل يـوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قـال قافية هـجــاني

ومن ثم لينبري المخلصون والواعون والمدركون والمؤمنون ممن تسلحوا بسلاح العلم والمعرفة والوعي القومي ليرددوا مقولة الشاعر التي يقول فيها:
مـا نـالَ أهْـلُ الجاهـلـِـيـّة كــلهُـمْ شِعْري ولا سمعتْ بسحري بابِلُ
وإذا أتـَتـكَ مَـذمّـتـي من نَـاقِـص فَهيَ الشـهــادَة لي بــأنـي كامِــلُ

آملاً أن لا تستحوذك اشواك الشك بما يعنيه ويهدف اليه مضمون البيتين الشعري ، كونك من الذين تلهث في سعيك لنيل المعرفة بشكل أكاديمي ، عسى ولعل أن تصيب الحقيقة المنشودة في يوم ما ، طالما ما فتأت تطرق أبواب التمحيص والتدقيق والإستنتاج بدأب متواصل وحرص شديد.
بقي أن أقول لك: إذن كيف تريدنا أن نبني برجنا العاجي الكبير والمشترك ، ونعيد مجد أجيال أجدادنا القدامى ومواقف آبائنا وشبابنا من أحداث مذابح سيفو وحكاري وسميل وصوريا وسيدة النجاة والقائمة تطول؟! أجل كيف يتسنى لنا ذلك وهناك من يردد ما ذهب اليه الشاعر في قوله:
وإن عـناءاً أن تـفهـم جاهـلاً فيحسب جهلاً أنه منك أفهمُ
متى يبلغ البنيان يـوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ

أليس هذا الغير مِن بني جلدتنا سوية ومن دمنا ولحمنا؟!
أليس هذا الغير مَن تجري في عروقه دماء ضحايا تلك المذابح؟!
أليس هذا الغير من فقد أعز القربى له في الأحداث المتوالية؟!
وإن لم يكن هذا الغير من بني جلدتنا ، فمن يكن؟ حتماً ستجيبني الغرباء عنا. وأنا الآخر أشاطرك الرأي مائة في المائة. ولكن التساؤل المرير هو : أوليس نحن الذين فتحنا الأبواب على مصراعيها ليشتتنا المبشرون بنزعاتهم المبيتة؟ أوليس الصراعات المذهبية هي التي أردتنا لنخوض معارك التسميات القومية واللغوية؟ أوليس الولاءات العشائرية والطائفية هي التي زعزعت وزحزحت مكانتنا ووحدة كلمتنا وقوتنا؟
حتماً ستشاطرني الرأي أيضاً وبقناعة تامة ، كوننا نعيش هذه الظروف الأليمة ، لتكون كل تلك السلبيات مدعاة فخر وقوة للغرباء عنا وعن أصالتنا ، ليطلقوا صرخة التحدي في وجوهنا وينالوا من بأس وجودنا، وأكبر دليل على ذلك دوافع المجازر العصرية التي يندى لها الجبين ويشهد لها عراق اليوم التي تطال الآشوري والسرياني والكلداني والآرامي والماروني والصابئي والإيزيدي وكل مؤيد لأي تسمية مستحدثة.
وفي خاتمة المطاف من هذه التمهيد دعني اتجول في اروقة سطورك التي لم تستدرك فحواها وهي كما يلي:

اولاً. ان ما نوهت ُعنه في تقدمة مقالتي عن مفهوم ودور اللغة هو بشكل عام في حياة اي مجتمع من المجتمعات ، وليس حصراً بلغة معينة ، ولهذا لم أشر الى اسم اية لغة. فما هو الغريب من قولك " الغريب ان السيد ممو يتكلم عن أهمية لغتنا القومية ولكنه في نفس الوقت لا يذكر اسمها ".
عجيب من أمرك!! أنا اتحدث بشكل عام عن دور اللغة في حياة الشعوب وليس فقط في حياة شعبنا مهما كانت تسمياته ، كونها بمثابة تلك المرآة التي تكشف عن واقع ذلك الشعب الذي ينطق بها لتكون روح جسد الأمة. فيبدو من منطقك وفحوى كلامك أن تستفزني للقول بما يخالف رأيك ، وبالرغم من تفاوت صيغ ونطق اللهجات بين ابناء شعبنا ، سواءً من يتقبل التسمية الاشورية أو غيرها من التسميات فلا بد لي من إيضاح ما تنوي اليه. فإن اردت ورغبت أن انعتها بالسريانية / الآرامية حسب رأيك ، فأنا سأسميها بالآشورية / السريانية لكون مصطلح التسمية السريانية هو من " اسيريان " ، وكما هو متعارف عليه فيما إذا دخلت أل التعريف العربية على اسم مبدوءٍ بحرف شمسي لا تلفظ اللام ، فيستعاض عن لفظها بتشديد الحرف الشمسي نفسه بسبب إختفاء حرف اللام من ال التعريف في النطق العربي ، بحيث لا يتم نطقه أو لفظه. لكون حرف السين من الحروف الشمسية المشددة ، ولهذا نقول اسـ ـ سريان وتكتب السّريان ، أو أسـ ـ سريانية وتكتب السّريانية لتكون والحالة هذه مرادفة للآشورية التي اشتق منها. والأدهى من كل ذلك فيما إذا قمت بزيارة منطقة طورعابدين الحالية تراهم يعّرفون عن هويتهم بالتسمية التي يلفظونها بالشكل التالي : " إحنان اسورويـِه " ، بربك ما معنى ذلك؟! ولهذه الإشارة الموجزة تعيقيب أوسع فيما يأتي من أسطر.

ثانياً. مؤاخذتك على الملفان نعوم فائق بأنه استعمل تارة السريانية وتارة أخرى الآشورية ومن ثم الآرامية، فهذه دلالة على وعيه القومي وتشبعه بروح التآخي وجمع الشمل وليس من باب التعصب الأعمى الذي يلتزمه البعض من رواد الحركات الدخيلة والمزيفة من الذين ينكرون وجودهم القومي الأصيل.

ثالثاً. تتهم نعوم فائق بأنه كان شاعراً ومدرسا وصحافياً أكثر من أن يكون باحثاً.. بإلله عليك كيف تتوقع عن إنسان قضى شبابه وعمره كله مضحياً بحياته في المجالات التي ذكرتها أن يفتقر للأبحاث التاريخية واللغوية الخاصة بإنتمائه القومي. وهل من غير الممكن من يكون شاعراً ووو وأن لا يلم بتاريخ ومنابع اصوله وجذور نشأته وترعرعه لمجرد أنه لم يدون دراسة أو بحثاً مسهباً عن ذلك؟
رابعاً. ما الخطأ حين تقول " ويدعون بأن المعلم نعوم فائق كان يؤمن ان الهوية أو التسمية الاشورية هي التي توحد كل الطوائف السريانية ". وتقول ان قصيدته " انهض يا ابن اشور انهض " جاءت قبل ان يدعي التسمية الآرامية.. فلو كنت صحافياً ودرست مفاهيم الصحافة لكنت قد ادركت ما ينويه هذا الشهيد الذي تألم من مشاعر ومواقف المشعوذين من ابناء جيله وجلدته .. ولكي تكون على دراية من موقفه هذا عليك أن تتطلع في مذكراته التي دونها زميله فريد نزهه في اعداد من الصحف الصادرة انذاك.

خامساً. تقول بأنك لم تجد له أية دراسة تاريخية حول تاريخ الشعب السرياني.. بربك إذا كان تساؤلك ان تستهجن من اتعاب هذا الرجل ، فهل لك ان تعطيني امثلة عن الذين ضحوا بحياتهم في حقل الصحافة والكتابة الادبية والفكرية الموجهة ممن كتبوا ودونوا دراسات مستفيضة عما تقصده؟! وها اني اعطيك مثلاً واحداً عن جبران خليل جبران الذي دوّن ما لا يحصى من المقالات ونشر الكتب ، وذاع صيته من خلال كتابه النبي إن كان قد دوّن دراسة علمية مستفيضة عن اللغة العربية غير مقالة واحدة او مقالتين وليس بحثاً هاجم فيها المنفلوطي وغيره ممن وقفوا في وجهه لإسلوبه الحداثوي.

سادساً. تستشهد بأحد الروابط التي ارفقتها بأن نعوم فائق نادى بتسمية آرام والأمة الآرامية في مجلة " الاتحاد " التي تولى رئاسة تحريرها. لا اريد الإطالة في هذا الموضوع لكون المثل يقول " تعرف الرسالة من عنوانها ". ألا يكفي أن تكون الافتتاحية قد صدرت من مجلة جمعت بين التسمية الاثورية والكلدانية ، ومن مجلة صادرة بإسم الجمعية الوطنية الاثورية الكلدانية.. اسألك ماذا يعني ذلك؟ وكما أشرت لك بأن للصحافة سياسة خاصة في مجال الاعلام.

سابعاً. أما عن تنويهك بأن نعوم فائق كان يكتب في مجلته " بيت نهرين " اسم " اسورايا " بدل " سوريايا " فهذه حقيقة لا يمكن نكرانها ، وكما نوهنا عنها مسبقاً بأن الإسم السرياني مشتق ومنحدر من الاسم الاصيل لا الدخيل أو المُنتحل. وإذا تعمقت قليلاً في لفظة "سورايا " أو " سوريايا " فهي تعني الانتماء الديني يا أخي الفاضل ، وهذا ما ينطق به الكلداني والآشوري والسرياني للتعريف عن هويته في ارض ما بين النهرين وفي كافة القرى والبلدان التي يعمرها ابناء شعبنا بكافة تسمياتهم ، مثلما يقول الأجنبي " آي ام كريستيان " أي بمعنى مسيحي. ومتى ما أضفت الألف في بداية الكلمة كما تكتب بالحرفين الشرقي والغربي تصبح آسورايا فتعني والحالة هذه آشورايا ، وأنت على علم بذلك استناداً لرأي العالم الفرنسي آرنست رينان الذي نوهتَ عنه. والحليم تكفيه الإشارة.

ثامناً. تقول: " في كتاب شبه مفقود للمعلم نعوم فائق حول الكلمات السريانية في لهجة ديار بكر نراه يسمي لغتنا " السريانية ، الآرامية ، الأشورية (في اللغة الإنكليزية)" . فنحن اليوم نعرف جيداً لما اطلق علماء الأثار تعبير " اللغة الأشورية" في أواسط القرن التاسع عشر و كيف تداركوا هذا الخطأ لأن اللغة كانت أكادية وأن اللغة السريانية هي متحدرة من اللغة الآرامية وان اجدادنا كانوا يسمون لغتهم الأم : اللغة السريانية او اللغة الآرامية ".

قبل كل شئ إن كان الكتاب مفقوداً ، فلا أعلم كيف استقيت معلوماتك منه.. وإن كان استعماله لعدة مصطلحات أو تسميات للغتنا فهذه دلالة على انه يؤمن ايماناً قويا باننا شعب واحد ، والتسميات اوجدتها وخلقتها الظروف السياسية والبيئة الجغرافية والعوز الإقتصادي وعوامل أخرى كما هو حال اليوم في العراق الحديث ، وكما تم اصطلاحه أيضاً في عهد أحمد حسن البكر بتمويه وجودنا بمصطلح " الناطقين بالسريانية " من الآثوريين والكلدان والسريان بغية تفريق أبناء الشعب الواحد وربط وجودهم بالواوات بدل التسمية الموحدة قومياً ، وما ذهب اليه المستعرب اليهودي أحمد سوسه بقلبه وشويههه حقائق ووثائق التاريخ الأصيل. هذا ما يجري اليوم أيضاً ليعيد التاريخ نفسه بإسلوب مغاير ومستحدث، مما أدى إلى خلق النعرات والإنقسامات في جمعياتنا ومؤسساتنا وأحزابنا وو.

تاسعاً. تقول في مكان اخر عن نعوم فائق " ارتكابه لأخطاء تاريخية تشوه هويتنا السريانية الآرامية ". ان ما يجعلني في حيرة هنا هو تذرعك عن تشويهه لهويتك المذكورة ، فلماذا لا تدحض تلك التشويهات التي تحملني وزرها طالما يقصد بها مفاهيمك واعتبارات اتباعك؟

أما عن هويتك السريانية الآرامية لا أريد الإشارة اليها بمفهومي الخاص ، وإنما أكتفي بما كتبه وأكده المطران يعقوب أوكين منا في الصفحة 487 ـ 488 من قاموسه الشهير " دليل الراغبين في لغة الآراميين " حين يذكر ما يلي:

" فلفظة السرياني على رأي أغلب العلماء المحقين متأتية من لفظة الآثوري محرفة بعض التحريف طبقاً لطبع اللغة اليونانية. وهذه التسمية دخلت أولاً على سكان بلاد الشام ثم نحو أواسط الجيل الأول للمسيح ، دخلت أيضاً على سكان ما بين النهرين وآثور وبابل على يد الرسل الشاميين الذين تلمذوا هذه البلاد وأقبلوا بها الى الديانة النصرانية. فأجدادنا الأولون لحبهم الشديد للإيمان ولتمسكهم الوثيق بعُرى الدين الحق تركوا بنوع من الإفراط مع الوثنية حتى اسمهم القديم وتسموا بإسم السريانيين نسبة الى الرسل الذين بشروهم وتمييزاً لهم من بني جنسهم الآراميين الذين لم يكونوا بَعدُ قد اعتنقوا الديانة المسيحية ، ولذلك أضحت لفظة الآرامي مرادفة للفظة الصابئ والوثني ولفظة السرياني مرادفة للفظة النصراني والمسيحي".

ألا يدل هذا المنطق بأن كلمة السرياني مشتقة من الآثوري إن لم تكن الآشوري؟! ناهيك عن الكثير من الآراء التي تدعم هذا الشهادة ، ولا حاجة لذكر أسماء ومراجع المؤيدين لها ، كونك أكاديمياً وعلى علم بذلك. فإن كان نعوم فائق سريانياً ـ آرامياً وتدحض أفكاره القومية ، فماذا تقول عن المطران أوجين منا الكلداني والكاثوليكي المذهب الذي يقول في شرحه وتفسيره لمفردة سوريّا بأنها من أسوريا أي آثور ، ليزيد في معناها بقوله: " سوريا الداخلة. ما وراء نهر الفرات ". " وسوريا الخارجة. آثور وما بين النهرين ". ليتوصل بالتالي عن مفردة سورايا بأنها تعني سرياني ، آرامي. نصراني ( اختصار اسورايا أي اثورايا). ص 487 من قاموسه الموسوم " دليل الراغبين في لغة الآراميين " ليكنى فيما بعد بإسم " قاموس كلداني ـ عربي " بطبعته الحديثة في بيروت عام 1975 في عهد المطران روفائيل بيداويد.
ثم من يكونوا أولئك " الأجداد الأولون " من سكنة بلاد ما بين النهرين وآثور وبابل؟ أليسوا من حفداء / أحفاد سلاسة بني آشور وبابل؟ والأدهى من كل ذلك أن نجعل من السريانية والآرامية قومية وهي تعني الإنتقال من الوثنية الى النصرانية التي تعني المسيحية والنصرانية في بلاد النهرين ولحد اليوم يُكنى بها كافة المسيحيين بمذاهبهم المختلفة ، وفي كافة الكتب التراثية القديمة في الجزيرة العربية ، ولتستحدث فيما بعد لدى البعض بقولهم كريستيانا من كريستيان. فأرجو يا أخي هنري أن لا تصب جام غضبك على نعوم السرياني فقط ، فحتماً سيتعداه لأوجين منا الكلداني أيضاَ وممو الآشوري وبالتالي رينان الفرنسي. وغيرهم ممن تعتبرهم بعرفك من مشوهي التاريخ.

ولكي لا تغضب علينا من انفرادنا على حصر رأي العلامة اللغوي اوجين منا ، أقربك قليلاً من رأي كلداني آخر متبحر في مجال التاريخ ، التزم تلك الصفة بإسم القس بطرس نصري الكلداني حين يذكر في كتابه " ذخيرة الأذهان...." المطبوع عام 1905 ما نصه " .... لأن اللغة السريانية أو السورية وهي الآثورية نفسها ( فإن لفظ سورايا مقصور بلا شك عن " اثورايا " كما هو رأي هيرودت المؤرخ " ص 29 . ثم ينتقل بقوله: " ولا يخفى ان اللغات تُعطي أحياناً كثيرة اسمها للشعوب فيدعون بها كما ان الشعوب تُعطى للغات اسمها ، فإن بلادنا مثلاً تسمى عربية من اللغة الشائعة فيها وبالعكس " الخ.
وفي الوقت ذاته يذكر بتمجيد اللغة الارامية حين يقول: " اما اللغة لتي كانت شائعة يومئذ فكانت الآرامية أو السريانية أو الآثورية ..... ( لكي لا أطيل الحديث ) لأصل الى قوله: " بأن اللغة الآرامية الفصيحة الشائعة اليوم هي على نوعين أو لغتين احداهما تدعى شرقية والاخرى غربية ، فالشرقية هي لغة الكلدان والنساطرة حينما وجدوا. والغربية هي لغة الموارنة والسريان الكاثوليك واليعاقبة اينما وجدوا. وليس بين هاتين اللغتين من فرق إلا من جهة اللفظ. فإن الشرقيين يلفظون السقاف زقابا بالفتح ويشددون الحرف المتحرك إذا سبقه متحرك آخر. أما الغربيون ( وأنت منهم ) فيلفظون الزقاف بالضم المرفوع وينفون كل تشديد.
أنا لا أريد هنا أن ألج في أروقة دهاليز الخلاف النسطوري (الآشوري) اليعقوبي (السرياني) واستعارة الحركات اليونانية وإبدال شكل الحروف وتحوير لفظها ، وإنما سأقتصر مكتفياً بما كتبه القس الجليل بشهادة جملة واحدة ذات دلالة معنوية وهادفة حين يقول: " ولا مراء في أن لفظ الشرقيين هو الأصح على ما بين المدققون.. الخ. ص 31.
كما وهناك الكثير من الأمور التي لا أرغب الإسهاب في عرضها لكوني لا أكتب رسالة اكاديمية لمناقشتها. وكفى أنه يستشهد برأيه على من اعتمدهم ومنهم العلامة اللغوي وكما يقول " السعيد الذكر المطران اقليمس يوسف داود" مطران دمشق على السريان ، مؤلف كتاب اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية ، طبع في الموصل 1896.

ثم ليأتي من بعده المطران أدي شير ليؤكد ذات المعلومات في الجزء الأول من كتابه " تاريخ كلدو وآثور" 1912 والجزء الثاني 1913 مشيراً الى أن " سوريا تحريف اسوريا اليوناني أي آثور " ج1 ص51 ، ومن ثم ليتوسع أكثر في الجزء الثاني موضحاً بأنه بعد التنصر أي اعتناق الديانة المسيحية أقدم من عرفوا بالكلدان الآثوريين ليسموا بإسم السريان تمييزاً لهم من وثنية الكلدان الآثوريين ، حيث يثبت ما نصه " فلم يكن الإسم السرياني يومئذ يشير إلى أمة بل إلى الديانة المسيحية لا غير. ومما يثبت قولنا ما أتى في كتاب تاريخ إيليا مطران نصيبين ( 975 ـ 1046) فأنه فسر لفظة سرياني (سوريايا) بلفظة نصراني وإلى يومنا هذا نرى الكلدان الآثوريين لا يتخذون لفظة (سورايا) أي سرياني للدلالة على الجنسية بل على الديانة. فإن هذا الإسم عندهم مرادف لإسم مسيحي من أي أمة وجنس كان " ص 3 معتمداً هو الآخر على رأي العلامة يوسف داود بإشارته في كتاب اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية، ح 11.
لم يكتفي المطران ادي شير وهو كلداني المذهب بما أشار اليه مؤكداً بمنطق علمي وواقعي حين يقول: " فقد تحقق ان السريان اليعاقبة أيضاً أقروا أن اصلهم كلدان اثوريون جنساً ولغة وأن اسم السرياني هو يوناني خارجي أطلق غلطاً وزوراً علينا وعليهم.".
وما أصدقه حين يستطرد بقوله: " ويا ليتهم يجوزون مثلنا عن الإسم السرياني ويسترجعون الإسم الكلداني الآثوري فنصبح كلنا شعباً واحداً اسماً وجسماً ويداً واحدة لننهض امتنا هذه القوية القديمة (ارميا هـ :15) التي كسبت في سالف الأزمان ذكراً جميلاً ومجداً عظيماً في الزمنيات وفي الروحانيات" ج2 ص5.
تساؤلي هنا ، هل هذا الكاهن الفاضل وهذا المطران الجليل وغيره ينفون تسمية الآثورية التي تنفي وجودها؟! حتماً سيكون جوابك بالنفي لهم أيضاً مثلما نفيت مجاراة نعوم فائق لهم ، وهذه دلالة لتعصبك مثلما تتهمنا بالتعصب وغيرك من الاكاديميين الذين دعمت رأيهم في بعض المناسبات لعدم مشاركتهم في أحد مؤتمراتنا المقررة رسمياً من قبل وزارة التربية السويدية وادارة شؤون المدارس المسؤولة والمشرفة على تحرير موقع الكتروني رسمي بإسم الأثورية.
ليتنا تمثلنا بمواعظ هؤلاء الرجال الأوفياء الذين ضحوا بحياتهم على مذبح الحرية بإعلاء كلمة الصدق والحق من أجل وحدتنا ، ويا ليتنا نزعنا من صفحات عقولنا المشاحنات الجوفاء وأقتفينا مسارهم لكنا اليوم قد أعدنا وحققنا مقولة " التاريخ يعيد نفسه ".

بعد هذا الإيضاح وبناءً لما نوهنا أوليس سكان بابل وآثور ذلك الشعب الذي تمسك بأرضه وسمي بإسمها، وعلى ضوء ما تذكره في أحد الأسطر بأن اللغة كانت أكدية نسبة لمنطقة أكد. فمن أين كانت مستوحاة التسمية التي تكنى بها سرجون الأكدي في القرن الرابع والعشرين ونسب اليها اسمه ومملكته وشعب بلاده؟ أليست من أرض أكد وشعبها مثلما هي في أرض بابل وآثور ، ناهيك عن اللغة الآرامية التي نشرت نفوذها واتسعت رقعتها لأسباب تجارية وسياسية ، مثلما انتشر نفوذ لهجة أو لسان قريش على منطقة الجزيرة العربية لذات الأسباب. وها هو الآخر من أبناء جلدتنا الآب البير ابونا يؤكد تداول اللغة الآشورية الى جانب انتشار الآرامية التي يشيد بها ويرشحها في مقالته " من نحن؟ وما قوميتنا؟ " والتي تفضلها أنت حين يقول : " وسرعة انتشارها ( يعني الارامية ) بين الدول الكبرى التي استخدمتها لغة للتداول والمراسلات .... بجانب لغاتها الخاصة الآشورية أو البابلية أو الفارسية ، الخ....) فكيف يحلو لك أن تنفي وجود الآشورية؟! بالرغم من موقفه السلبي بوجود الآشوريين.

ومن هذا المنطلق دعنا نفرض بأن الآشورية والفارسية انضوت تحت خيمة ما يسمى باللغة المحلية بسبب استحواذ الآرامية لعدة عوامل ، ألم يكن حالها حال اللغة اللاتينية في العصور الوسطى بوجود لغتين هما اللغة المحلية للمداولات العامة والأخرى التي هي اللاتينية للتعاملات الرسمية ، لتتخذ فيما بعد المحلية منها شأن الرسمية والأدبية؟ ناهيك عن مثيلتها العربية القريشية لغة المعلقات والقرآن التي هي الأخرى خبا نورها بلغة مستحدثة رغم بقاء الألسنة المحلية المعروفة باللهجات في العالم العربي.

عاشراً. مؤاخذتك على مقولتي التي نصها ما يلي :
" نقول بأن اللغة هي التي ترتقي بواقع أية أمة لدرجة التطور والمدنية ، لكونها الوسيلة التي تقودنا إلى التفاهم والتعبير وتجسيد المشاعر شفوياً وتحريرياً. وبما أن اللغة تُعد من الأسس الرئيسية لمقومات أية قومية ، فأنه يستوجب استعمالها والحفاظ عليها بإهتمام بالغ ، لكونها تجسد شكل هوية الإنتماء القومي. ولأجل ذلك تحتم الضرورة أن نكون واعين لمعرفة هذه الحقيقة، وعلى معرفة أكبر بأن الواجب الرئيسي لإثراء اللغة هو من مهام الأدباء والمؤلفين والكتاب واللغويين والشعراء والعاملين في حقل التعليم بغية إحياء وتأكيد وجودها وتطوير آفاقها وإيصالها لعقول ومدارك أبناء ذلك الشعب الناطق بها والفخور بتراثها ، وبالتالي التعامل بها بصدق وإخلاص وإهتمام دائم."

انك تعترف حين تقول: بأن احداً لا يعارض الافكار التي ذكرتها في مقالتي .. وتتهمني بالتهرب من ذكر اسمها العلمي.. اجابتي كانت واضحة لك فيما تم عرضه في بداية هذا الرد ، ومن ثم ألم تدرك بأن مضمون الفقرة أعلاه تشمل أية لغة كانت دون استثناء ، ومن ضمنها الآشورية والآرامية حتى وإن تم تصنيفها في جدول اللهجات؟
ولكي تكون على علمٍ وإطلاع أوسع مما اشرنا اليه في مجال اشتقاق التسمية المُعتمد على منطق لغوي وتاريخي وجغرافي وأضيف الشعبي أيضاً ( كوننا استعضنا الكلاسيكية التي لا يفقهها الشعب بالحديثة ) بمراجعة ما يلي :
- مجلة المجمع العلمي العربي / مجلد 22 ، 1947 ، ص 178 ـ 181 Ernst Herzfeld
- Frans Rosenthald. Die Aramaistische Forschung seit Noeldeke’s
- Vereoeffentlichungen. Leiden 1939, p. 3-4….
- Cannuyer, A Propos de I origine du nom de La Syria JNES 44, 1985; pp. 133 – 135
- Lexikon der Alten Welt, Zuerich 1965, p. 12966
- Woertbuch der Antike, p. 731………
- سوريا القديمة ، الكتاب الأول للدكتور عبدالله الحلو ص 64 ـ 84 دمشق 2004

إذن دعني ازيد هنا بخفة متناهية لأقول لك : لتكن مبروكة عليك تسمية السريانية الآرامية التي هي امتداد وتحويرات للأكدية والبابلية والآشورية ، لكون اللغة المستحدثة تتأثر وتؤثر. ومن المضحك المُبكي أن تمحي الوجود الآشوري أيضاً منذ سقوط الإمبراطورية الآشورية عام 612 ق. م. بالتآمر البابلي والفارسي ، ولا تمحي الوجود الآرامي بسيادة الفرس على البلاد قاطبة عام 538 ق. م. حين خبا نجم الممالك الآرامية وانطفأ. كما أضيف وأقول كيف تسمح لنفسك أن تمحي الوجود الآشوري الذي اجتاح العديد من دول المنطقة ومنها الممالك الآرامية في عهد العديد من الملوك الآشوريين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الملك تغلات بلاصر (1112 ـ 1074) ق. م. بإجتيازه الفرات ثمان وعشرين مرة بمحاربته الآراميين وبردهم عن حدود بلاده. وبما أن صراعهم استمر مع الآشوريين لا سيما في القرن التاسع ، اضطر ملك الآراميين أخوني أن يدفع الجزية للآشوريين الذي حولوا مملكتهم سنة 885 الى مقاطعة اشورية لتكون تابعة بولاية حران. وفي بداية القرن التاسع هاجم الملك الآشوري نيراري الثالث (809 ـ 782) ق. م. مدينة دمشق واضطر ملكها للإستسلام ودفعه الجزية المفروضة عليه من الفضة والذهب والحديد والملابس الكتانية والأثاث الخشبي المطعم بالعاج وغيرها من الأشياء التي لا تحصى. ولا تنس بأن الملك سنحاريب في إحدى حملاته سبى ما يتجاوز العشرين ألف من الآراميين الى بلاد النهرين ، ناهيك من مواقف بنوبلاصر ونبوخذنصر ( 605 ـ 562 ) فيما بعد ، لحين تولي الفرس زمام الأمور على المنطقة وزوال الوجود السلطوي للبابليين والآشوريين والآراميين. أن زوال سلطة هذه الشعوب الثلاثة ليس معناه أن يظل الآراميون فقط لوحدهم في ساحة البقاء لتستنكر وجود الآخرين طالما يتمسكوا بوجودهم القومي مثلما تتمسك انت وتدافع عن انتماءك للآراميين. وأن فقدان السلطة من يد ملوك التسميات الثلاث بسبب نفوذ الفرس ومن ثم اليونان والرومان والعثمانيون والعرب معناه ضياع وانصهار الاشوريين والآراميين. اذن كيف يجيز لك أن تتخلى عن الآشوريين دون الآراميين. وأكبر دليل لذلك ما عرضته عليك من الواقع الأليم الذي يعيشه أبناء شعبنا بكافة تسمياته في العراق ، وما يتعرض له من قتل وتشريد بهجرته للدول المجاورة والأوربية وغيرها.

تساؤلي هو هل سيتخلى عن هويته وينقرض؟! قد يكون الجواب بالإيجاب أو النفي ، ولكن الإيجاب هو الذي يُثقل كفة الميزان ببقائه وديمومته ، طالما لا زلنا نتشبث بجذورنا التاريخية وهويتنا الاصيلة. وهذه دلالة على إننا نعيش اليوم ذات الحال التي عاشها الأولون من أسلافنا قبل وبعد المسيح. وكفى هنا أن اعيد لك للمرة العاشرة بأن السريانية هي تحريف لأسيريان والتي أصلها اشورايا وآثورايا الى جانب اشتقاقات اخرى كأسيريا اليونانية واللاتينية ، وسيريا ، سوريا ، سورايا ، آسورايا ، سيرياني وسريانية وامتداد التسمية الآشورية الى شعوب اخرى بألفاظ متفاوته منها اشوري لدى الفرس واسورينر لدى الأرمن واسورليار لدى الاذربيجانيين واسورلر لدى الاتراك واسيريسكي أو أيسوري لدى الروس وأسيرسكا لدى السويديين واسيريَن لدى الانكليز وياسو لدى الصينيين ووو . وعن فقدان حرفي الثاء والشين لدى الأغلبية مثلما عمل اليونانيون وإنقلاب نطقهم الى اسـ ـ سريان التي تكتب السريان ويعنون بها الآشورية أو الآثورية كما هو في العربية.
بقي فقط أن احيطك علماً تعقيباً لكلامك الذي تقول فيه :
" إن الفكر الآشوري مبني على طروحات تاريخية خاطئة وعناد البعض في تسمية لغتنا ب " اللغة الآشورية " لهو تطرف كبير لأن الشعب الآشوري كان يتكلم اللغة الأكادية التي كانت منتشرة في كل الشرق وقدامى الفرس استخدموها ولم يسموها " اللغة الفارسية " وحتى ملوك آشور كانوا يسمونها آكادية وليس " آشورية "!
لا ريب في ذلك إن تطرق بعض الباحثين لهذا المضمون!! ولكن ما رأيك في جدول اللغات السامية الذي يسلسلها الى ثلاث فصائل هي : الشمالية والوسطى والجنوبية ، لتشمل الفصيلة الأولى الشرقية والغربية، فالشرقية تتضمن البابلية والآشورية المنحدرة من الأكدية. أما الغربية فهي بدورها تنضوي تحت لواء جناحين فرعيين هما الشرقي والغربي متفرعة ومتمثلة بالسريانية والصابئية والنبطية بالفرع الشرقي ، ومن ثم المتمثلة بالفرع الغربي كالسامرية والتدمرية والآرامية. أما الوسطى فهي من حصة الفينيقية والعبرية والكنعانية ، والجنوبية من حصة اللغة العربية ولهجاتها. وهناك تقسيمات واجتهادات أخرى تصنفها بأشكال متفاوتة. وفيما إذا كان دليلك بأن الملوك الآشوريين يسمونها الاكادية ، فلماذا يدون " المعجم الأكدي " من منشورات المجمع العلمي العراقي وفي مقدمته عكس ذلك وبما نصه : " سمى الباحثون الآوائل لغة النصوص المكتشفة في بلاد آشور المتمثلة اليوم بالقسم الشمالي من العراق باللغة الآشورية ، ولغة النصوص المكتشفة في بلاد بابل المتمثلة بالقسم الجنوبي من العراق باللغة البابلية ". ومن ثم سميت الآشورية البابلية مثلما أنت تسميها السريانية الآرامية ، وظلت تستخدم الى قبيل العصر الميلادي. وكما أشرت لك مسبقاً بأن اللغات تتأثر وتؤثر ، أي بما بما معناه ان كافة اللغات الآنفة الذكر متقاربة من بعضها بفارق التحوير اللفظي أو النطق لتشكل وتولد لهجات مختلفة تتبناها دول مختلفة كما هو الحال في الدول الإسكندنافية ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ والتي تـُنسب لغاتها لفصيلة المجموعة الجرمانية كالسويدية والدنمركية والنرويجية والإيسلندية ، رغم صلة القرابة التي بينها فإنها تتميز كل واحدة منها بميزات خاصة في النطق والكتابة وشكل بعض الحروف. هذا ما ينطبق أيضاً على جدول اللغات السامية بأقسامها الثلاثة ، علماً بأن هناك العديد من الفصائل اللغوية الشبيهة بذلك.
ولكي لا نتجاوز آداب المناقشة والمداخلات والردود التي لا تجدي نفعاً ، أقولها بكل صدق وإيمان " كل إناء ينضح بما فيه " وكذلك " ليس للإنسان إلا ما سعى " فدعنا نسعى للبناء لا للهدم ، لتجاوز الحوار البيزنظي بحوار انساني ومنطقي لنعيد أصالة مجدنا بإتعاضنا من واقع الماضي السحيق والأليم.

يا أخي هنري.. لقد اصبح حالنا حال الذين فرقونا وشتتونا لننقسم ونبتعد عن بعضنا حفاظاً على الكراسي الخالية من المسامير التي تحملها " المخلص " لنتحمل وزر تفسيراتهم السفسطائية ، حيث لا زلنا لا يعترف واحدنا بالآخر رغم إخفاء أشعة نور الحقيقة بغربال صدئ ، أكل عليه الدهر وشرب. وهذا الأمر يذكرني بقصة قرأتها منذ زمن طويل في مجلة كلكامش التي كانت تصدر في ايران ـ لا أعلم إن كانت حقيقة أم من نسج الخيال ـ حين التقى اربعة رجال من انتماءات متفاوتة أي الآشوري والتركي والأرمني والفارسي ، ولم يبق بحوزتهم من النقود ما يسد رغبات طلب كل واحد منهم بغية الشراء. فقال الآشوري أنا أرغب شراء " عنو ِه " ، وقال الأرمني لا الأحسن " خاووع " فرد التركي وقال: لِمَ لا يكون " اوزوم " ، ومن ثم ليردف الفارسي منادياً : أنا أرغب فقط بـ " اليانكور". فإشتد النقاش فيما بينهم وكل واحد منهم ينادي بمطلبه. ومن باب المصادفة هنا أن يلتقي بهم مَن بلغ مِن الحكمة والدهاء والمعرفة بمفردات لغاتهم ، مخاطباً أياهم بتسليمه ما لديهم من نقود لشراء ما يتمنوه ، فذهب واشترى كمية من عناقيد العنب وقدمها لهم ليصرخوا جميعاً بإندهاش ، هذا ما كنا نتمناه ونرغبه والإبتسامة تعلو على وجوههم لكون كافة المفردات التي نادوا بها كانت تعني العنب.
هذا هو الحال الذي عشناه في الماضي ونعيشه في الحاضر ، وحتماَ سنظل نعيشه في المستقبل لننقله الى اجيالنا القادمة الذين هم براء من اشكالات التسمية ونتائجها السلبية. فدعنا نكون حكماء لنتمثل بمعرفة من حلّ إشكال الرجال الأربعة ، لا أن نبذر بذور الزوان الردئ في كل أرض نأمُهّا ، لنتلافى مقولة " الحرب بينهم سجال " أي بما معناه ، حيناً من يشن هجوماً على هذا الفريق وحيناً على الفريق الآخر.

وفي خاتمة المطاف أقول لك أخي في النضال القومي واللغوي والأدبي والثقافي بأنه بلغ السيل الزبى ، مكتفياً بما دونته لك حصراً بموضوع مقالتنا وتعليقاتك التي أردت بي لهذا الإسهاب دون الإشارة للعديد من المراجع والمصادر التي تدعنا نتبحر في استنتاجاتهم وبلغات متفاوتة ليطول حديثنا ، كما ناهيك أيضاً عن أفكار وتطلعات أئمة اللغة الذين ذكرتهم من رواد مدرسة الرها ونصيبين والخلاف الذي دار بينهم لأسباب لاهوتية هي من شأن رجال الدين ، لأنه مهما طبلنا وزمرنا لا يجدي نفعاً بما عرضناه ، وبما اوردناه من تساؤلات وإجابات بعادة تغاضينا عن مضمون الشطر الأول والتزامنا بالشطر الثاني مما يقوله الشاعر في البيت التالي:

إن الـفـتى مـن قـال هـا أنــذا ليس الفتى من يقول كان أبي

أي بما معناه أين هي مآثر من تدّعيهم مقارنة بالذين يلتحفون العراء ويضحون بحياتهم على أرض الواقع ذوداً عن حقوقنا لتعيش حراً كريماً ولتعيد مجد الذين تتباهى بهم؟!
وآخر ما أود قوله : بأنك ستظل حاملاً رفشك لتنبش في الأرض الرملية بغية حفر وتكوين بئر حديث ومن دون جدوى لعدم تلاحم ذرات رملك بمناورات فاشلة.
دعني في خاتمة الختام استل بيتين شعريين من قصيدة الشاعر حنا افندي زهيا الآثوري مقرظاً فيها كتاب المطران ادي شير لتتأمل فحواها.

أهـديـتـنا تـاريخ قوم ناطحـوا كبد السماء في شامخ البنيان
تاريخ آثــور وبابـل آتـيـــــــاً بـدلائـل تـغـنى عن البرهــان
مع احترامي لك.
ميخائيل ممو
صورة

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

الاختصاصي في تاريخ الآراميين
صورة العضو الرمزية
henri bedros kifa
مشرف
مشرف
مشاركات: 273
اشترك في: الأربعاء مارس 31, 2010 8:36 am

Re: الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة henri bedros kifa »

الأخ إبن السريان

إنني لا أدعي بأنني أصيب في دراسة او إنني معصوم عن الخطأ
و لكنني بكل بساطة أطبق منهجية البحث التاريخي الأكاديمي.
لقد نشرت رد السيد ممو المحترم و هو رد عاطفي سأبين أخطائه
التاريخية لاحقا و لكنك أصبت في أمر مهم : هيهات أن يحل سائق
السيارة بدل قبطان الطائرة و هيهات أن يكتب أديب صاحب أفكار
خاطئة مسبقة ( اللغة الأشورية المزيفة) في بحث علمي حول لغتنا
السريانية !
حملة التزوير لن تتوقف : نحن أيضا لن نجامل و لن نتوقف عن
نشر الدراسات التاريخية التي تفضح المزورين !
حفظك الله
هنري بدروس كيفا
صورة

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

الاختصاصي في تاريخ الآراميين
صورة العضو الرمزية
henri bedros kifa
مشرف
مشرف
مشاركات: 273
اشترك في: الأربعاء مارس 31, 2010 8:36 am

Re: الأديب ميخائيل ممو و " فشل" رواد الشعور القومي !

مشاركة غير مقروءة بواسطة henri bedros kifa »

الأخ بشار المحترم

إن السيد ممو رجل كبير في العمر و قد يكون سمع من أهله بأنه
يتكلم " اللغة الأشورية " و هو يعلم اليوم في السويد اللغة السريانية
و لكنه يسميها " أشورية ".
من الطبيعي أن يدافع عن تعبير " اللغة الأشورية" المزيف و لكن
علينا أن ندحض و نبرهن أن الأفكار التي يتمسك بها هي أفكار
خاطئة !
بصراحة إنني لا اعتقد أنهم سيقتنعون و لكننا سندافع عن إسم
لغتنا كي نظهر للعالم مدى تزويرهم للحقائق التاريخية . و إنني فعلا
سعيد لأنه غامر في الرد لأنني سأصحح مفاهيمه الخاطئة كي يعرف
حجمه و تطرفه المخزل .
حفظك الله
هنري بدروس كيفا
صورة

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

الاختصاصي في تاريخ الآراميين
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الباحث هنري بيدروس كيفا“