شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم؟؟؟؟!

صورة العضو الرمزية
ابو شاميرام
مشرف
مشرف
مشاركات: 608
اشترك في: الخميس مارس 04, 2010 10:07 pm

شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم؟؟؟؟!

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو شاميرام »

في مقالي السابق، قلتُ إنني طوال الوقت أتخيّلُ نفسي مكان المسيحيين، فأحزن لأحزانهم، وأكتب. وهو ما أغضبَ بعضَ القراء مني، لدرجة أن أحدهم أرسل يقول لي: "توبي إلى الله!" كأنما وظيفة المسلم قهرُ المسيحي! ورغم كراهتي الكلمات التمييزية: مسيحي، مسلم، إلا أنني سأنزل على رغبتهم وأوجّه مقالي هذا للمسلمين فقط. المسيحيون يمتنعون. وهو على أية حال مقالٌ خياليّ، طالما الخيالُ لا يُعاقِب عليه القانونُ (حتى الآن). تخيّلْ معي أن المعلّمَ سأل ابنك المسلم: "رايح فين؟" فأجاب: "حصة الدين يا أستاذ." فيضحك المعلّم ويقول: "هو انتوا عندكو دين!" تخيل أن "يَشْرَق" ولدٌ في الفصل، فيهرع إليه ابنك الطيبُ لينجده، فيصرخ فيه الشرقان: "لأ، ماما قالت لي مشربش من زمزمية مسلم، عشان همّا (...)" تخيّلْ أن تتصفّح منهج ابنك فتجده مشحونًا بآيات من الإنجيل، ولا وجود لآية قرآنية واحدة. تخيلْ أنك ضللتَ الطريق، وسألتَ أحدَ السابلة، فأجابك: "سيادتك ادخل شمال، حتلاقي ’لا مؤاخذة‘ جامع، ادخل بعده يمين." تخيلْ أن تكون نائمًا حاضنًا طفلتك، وفجأة تنتفض الصغيرةُ في الفجر، لأن صوتًا خشنًا صرخ في ميكروفون الكنيسة (والكنائس الكثيرة في الحي): "خبزنا كفافَنا أعطنا اليوم. وأغفرْ لنا ذنوبنا كما نغفرُ نحن أيضًا للمذنبين إلينا. ولا تُدخلنا في تجربة. لكن نجِّنا من الشرير. لأن لك الملكَ والقوة والمجد إلى الأبد." فتسألك صغيرتُك ببراءة، وقد فارقها النوم: "بابا، ليه مش بيقولوا الكلام الجميل ده بصوت هادي، ليه بيصرخوا في الميكروفون كده؟!" فتحارُ كيف تردُّ عليها، و قد علّمتَها بالأمس أن مناجاةَ الله لا تكون إلا همسًا، لأن الله يقرأ قلوبَنا، وإن صمتتْ ألسنتُنا، وأن الدعوةَ للصلاة، التي هي صِلة بالله، "عيب" أن تكون بصوت مُنفِّر. لهذا اختار الرسولُ للأذان "بلالَ بن رباح" لصوته العذب. تخيلْ أن تحضر قدّاسًا في كنيسة مع صديق لك، فتسمع الكاهنَ يقول: لا تصافح مسلمًا، فهو مُشرك، ولا تأكل عنده طعامًا، ولا تدع أطفالك يلعبون مع أطفاله." ماذا تفعل لو قُدِّر لك أن تعيش في مجتمع كهذا؟
أعلم أنك تقول الآن: ما هذا التهريج؟ سؤالٌ لا إجابة عليه، لأنه جنون في جنون. وأتفقُ معك في رأيك، وأقرُّ بعبثية طرحي. ألم أقل منذ البدء إنه ضربٌ من الخيال؟ المسيحيون لا يفعلون ما سبق. نحن مَن نقول: مسيحي "بس" طيب، لا مؤاخذة كنيسة، عضمة زرقا، أربعة ريشة، مشركين، كفار...! إما مزاحًا عن دون قصد. أو عن قصد، متكئين على أكثريتنا مقابل أقليتهم! مطمئنين إلى مبدأ أساسي في دينهم يقول: "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم." أحببتُ اليومَ أن أضع تلك المواقف الشوهاء أمام عيوننا ليختبر كلٌّ منّا وقعها على نفسه لو حدثت معه. نحن الذين نصرخ في الميكروفون "الله أكبر"، غير مراعين أن الله نفسَه يحبُّ أن يُنطق اسمه بهدوء لا بصراخ أجشّ. ونحن الذين يقول بعضُ مشايخنا في خطبهم كلامًا مسيئًا لغير المسلمين، يملأ قلوب ضعاف العقل والإيمان بالحنق عليهم. بينما هم يقولون في قداسهم: "نصلي لإخواننا أبناء مصرَ من غير المسيحيين." فهل تسمحون لي بأن أغار منهم؟ لأن كثيرًا منّا أخفق في درس المحبة التي أتقنها معظمهم؟ لنكن أذكى من حكوماتنا، ونحن بالفعل أذكى. فإن كانت الحكومةُ تظلمنا جميعًا "معًا"، ثم تغازل الأكثريةَ بظلم الأقليّةِ، فهل نفعلُ مثلها؟ لكن مهلاً، منذ متى بدأنا نفعل هذا؟ منذ عقود قليلة، وهي في عُرف التاريخ لمحةٌ خاطفة. حتى السبعينيات الماضية، قبل سموم الصحراء، كان سكانُ العمارة الواحدة بيوتهم مفتوحةٌ على بيوت بعضهم البعض، مسيحيين ومسلمين، فيذوب ـأطفالُ هؤلاء في أطفالِ أولئك، وتشعُّ المحبةُ في أركان الحيّ، فتبتسم السماءُ قائلة: هنا بشرٌ تعلّموا كيف يحبون الله.


كتبها فاطمة ناعوت
صورة
مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 4439
اشترك في: الخميس إبريل 23, 2009 4:36 pm

Re: شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم؟؟؟؟!

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابن السريان »

صورة
شكراً على نقل هذه المقالة الرائعة
وخاصة صادرة عن شخص مسلم
كل دين له عاداته وتقاليده وطقوسه
لكن أن يمارس القمع والفوقية كما في بعض البلدان
نشكر الرب هذا لا تجده في سوريا الحبيبة
أدام الرب حبه على كل أبناء سوريا
وحماها من أي شر أو مكروه
شكرأ لك أخي الغالي أبو شاميرام
لتكن بركة الرب ونوره معكم
أخوكم: أبن السريان

موقع نسور السريان
صورة العضو الرمزية
ابو شاميرام
مشرف
مشرف
مشاركات: 608
اشترك في: الخميس مارس 04, 2010 10:07 pm

Re: شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم؟؟؟؟!

مشاركة غير مقروءة بواسطة ابو شاميرام »

مرورك يسعدني ايها الغالي
عطرت صفحتي بكلماتك الجميله
صورة
مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الأدبي و الثقافي“